تعبير عن غروب الشمس , موضوع جميل عن الغروب , فقرة عن الغروب
عندما تنسحب الشّمس إلى مخدعها وراء الغيوم، تترك أذيالها الحمراء والذهبيّة اللامعة تُزين جهة الغرب من السماء، لتشكل بذلك مشهداً سَحَر البشريّة منذ الأزل وحتى يومنا هذا، ويُحرك مشهد الغروب الكثير من القلوب؛ فترى الناس يتأملون غروب الشّمس، ويتذكرون الهاجر أو المُحبّ القريب، إلا أنّ وقت الغروب يُحرك أحياناً إحساس الألم والفراق، تماماً كفراق النور الذي تمنحه الشّمس لوجه الأرض كاملاً ليعمّ الظلام بعدها، لكنّه ظلام أكثر هدوءاً، وفيه القمر الجميل، والنجوم المُضيئة. تحفز الشّمس بغروبها قبل حلول الظلام مشاعر الكتاب والشعراء؛ إذ يصوغون التشبيهات العديدة من مشهد الغروب، بل يروح العديد منهم لجعل ساعة الغروب ساعة لولادة كلمات جديدة تدهش القارئ، وتسيطر على إحساسه تجاهها؛ فترى الأديب تارة يكتب، وتارة يطالع الشّمس في حركة هبوطها، من أعلى الطرف الغربيّ من السماء، إلى أبعد زاوية تنثر فيها ألوانها المتداخلة ما بين الأحمر، والذهبي اللامع. تزداد دهشة الغروب حين تعلو الشّمس البحر؛ حينها لا يمكن للمتذوقين إلا إدراك أدق ذرات الجمال ووصفوها، فيا له من منظر عظيم يسحر النظر، فحين تنعكس أشعة الشّمس الغاربة على موجات البحر التي تروح وتجيء، وتتحول زُرقة البحر إلى مرايا، تعكس أسمى آيات الجمال، وتروح الشّمس وراء الغيوم التي تتلقفها بعد المغيب، وتنسحب نحو أسفل البحر، إلى تلك الزاوية البعيدة عن كلّ العيون. أما في الصحراء فترتسم لوحة أخرى آخاذة السحر لمشهد غروب الشّمس إذ يلتقي الأصفران حينها؛ الرمال بلونها الذهبي الفاتن، والشّمس التي تزيدها لمعاناً وألقاً، ليجد هذه اللوحة من يغرقون في التأمل ويسافرون في مساحات الصحاري الشاسعة. وفي النظر لمشهد الغروب مُتعةٌ بصرية؛ فألوان الشّمس المتدرجة وهي تغيب تُشكل لوحةً فنيةً زاخرة بالحياة والجمال، وكثرٌ من تسابقوا على نقل ألوانها إلى لوحاتهم؛ بيد أن اللوحة الأولى ثابتةٌ أكثر، غير محبوسة في جدران معرض؛ فما علينا إلا ترك هموم الحياة عنا، والتمعن في السماء في الدقائق الأخيرة من كل نهار. إنّ الباحث عن فرصة للهدوء وترك ضوضاء الحياة يجلس مُتأملاً الشّمس فهي دائمة الحضور والجمال، تُشرق يوميّاً لتغيب آخر النهار، ثمّ تشرق من جديد لتنجي حياة تلك السنابل الخارجة من رحم الأرض، والنباتات التي تحتاجها لتظلّ باقية على قيد الحياة. وبما أن كل مظاهر الحياة من حولنا تحملُ سراً عظيماً، وحكمةً نبحث عنها؛ ونتعلم منها؛ فغروب الشّمس فيه حكمةٌ كبيرة، حريٌ بالناظر إليه اكتشافها؛ فكأنها تخبرنا بمغيبها خلف التلال والغيوم البعيدة أن كل شيء نهايته الزوال، ومصيره إلى الانتهاء، وهذه الدنيا كاليوم الذي تُشرق فيه الشّمس مُعلنةً بدايته ثم تغيب في آخر النهار لتُخبر سكان الأرض بانتهائه.