تخصيص رقم للتبليغ مكافحة الفساد.. الكرة في ملعب المواطن
خصصت وحدة مكافحة الفساد التابعة لجهاز الأمن الوطني أرقام هواتف ثابتة للمواطنين لتقديم الشكاوى المتعلقة بالفساد عبر الرقم 7878 وحددت الوحدة مواقيت زمنية معينة لتلقي الشكاوى تبدأ من الثامنة صباحًا وحتي الخامسة عصرًا، في الوقت نفسه وجدت الخطوة ترحيبًا واسعًا من قبل المتابعين واعتبروا الخطوة بمثابة جدية من الدولة لمكافحة الفساد وملاحقة المفسدين .
حالة نادرة
من قبل أنشأت الدولة آلية لمكافحة الفساد وأسند أمرها للراحل مولانا الطيب أبوقناية غير أن بعض المتغيرات أسهمت في تراجع دور الآلية التي وجدت حينها رواجًا واسعًا في الوسائط الإعلامية ولكن ذات الآلية لم تخصص أرقاماً للتبليغ عن الفساد كما فعلت وحدة مكافحة الفساد حاليًا. ويرى خبراء أن تخصيص أرقام للمواطنين للتبليغ عن الفساد يعتبر حالة نادرة لم تشهدها الساحات العدلية في السنوات الماضية .
جدية النيابة
اعتبر البعض تخصيص رقم من قبل وحدة مكافحة الفساد للتبليغ عن قضايا الفساد بمثابة جدية كبرى لمكافحة الفساد والحد من انتشاره وهذه الفرضية ذهب إليها تحديدًا مولانا عبدالدائم زامروي الذي قال (للصيحة)” تحديد رقم ثابت للمواطنين للتبليغ عن الفساد يعتبر بمثابة جدية من النائب العام لمكافحة الفساد وهي خطوة عملية في سبيل مكافحة الفساد”. في السياق يرى بعض المراقبين أن الدولة ممثلة في النائب العام برهنت فعليًا أنها عازمة على ملاحقة الفساد بعد تخصيص رقم للمواطنين للتبليغ عن الفساد عطفًا على الحملة التي قامت بها السلطات في الفترة الماضية وطالت عشرات الرؤوس الوالغة في الفساد بعد توقيفها وتقديمها للمحاكمات .
كيف يتم التبليغ؟
بعد تخصيص وحدة مكافحة الفساد لأرقام هواتف ثابتة للتبليغ عن المفسدين يتساءل البعض عن كيفية تقديم الشكوى؛ هل ستكون الشكاوى شفاهة على أن تتحرك الوحدة لتقصي الأمر أم يجب أن تكون متبوعة بالوثائق الدامغة عن الشخص المتهم بالفساد. وفي الصدد يقول رئيس النيابة العامة، مولانا محمود مهدي، يمكن أن يقوم الشخص بالتبليغ عن الفساد دون ذكر اسمه وبعدها تقوم الشرطة أو النيابة بتقديم شكوى ضد الشخص الذي تم التبليغ عنه. ويضيف محمود لـ(الصيحة) الصادرة يوم الاثنين “يمكن أن يأتي الشخص بملفات فساد لرئيس النيابة ويشترط عليه دون ذكر اسم”. وبعدها تتحرك النيابة بإجراءات رسمية ضد المبلغ عنه. والقانون ينص على الآتي: متي ما علم وكيل النيابة بوقوع جريمة يجب التحقق عنها دون الحاجة لمعرفة المبلغ عن الجريمة. بمعنى ليس بالضرورة ذكر الشخص الذي بلغ عن الجريمة والمهم هو وجود قضية أو معلومات عن الفساد أو الاغتصاب أو السرقة. كل هذه الجرائم يجب أن يتحرك وكيل النيابة بنفسه مع توفير حماية للمصادر من خلال التكتم على أسمائهم وعدم ذكرها.
بلاغات كيدية
يتخوف البعض من البلاغات الكيدية التي يمكن أن يقدم عليها البعض دون أدلة أو بينات إثبات، وهنا يقول مولانا محمود مهدي” إذا كانت البلاغات كيدية ضد أي شخص تقوم النيابة بشطب البلاغ بعد التقصي من المعلومات الواردة”. في السياق ذاته يقول وكيل وزارة العدل الأسبق عبدالدائم زمراوي” أتوقع أن تكون هنالك بلاغات كيدية ولكن إجراءات النيابة المعروفة بالتحري والدقة ستحسم أمر البلاغات الكيدية من خلال التمحيص حول البلاغات الواردة والتأكد من صحة البلاغ وإذا ثبت أن البلاغ حقيقي تباشر النيابة تحرياتها للقبض على الشخص المتهم وإذا كان كيديًا يتم تركه”. وأضاف زمراوي (للصيحة) “معروف في عمل النيابة الدقة والتبصر والتحري بالتالي فإن البلاغات الكيدية لن تكون ذات جدوى سيتم كشفها بعد عرضها على النيابة التي تعرف كيف تتحقق من صحة البلاغات”.
ماوراء الخطوة؟
يتساءل البعض عن الهدف من تخصيص رقم للمواطنين للاتصال بوحدة مكافحة جرائم الفساد، وهنا يقول نقيب المحامين السابق الطيب هارون إن الخطوة قصد منها إشراك المواطن وحثه على مكافحة الفساد وعدم السكوت عنه، وقال هارون (للصيحة)” الخطوة تعبر عن رغبة أكيدة وجامحة في ملاحقة الفساد والمفسدين من قبل الدولة وأن المواطن جزء من حملة المكافحة حيث لا ينبغي أن تقتصر مكافحة الفساد على الجهات العدلية مثل النيابة العامة والأمن الاقتصادي بل يجب أن يكون المواطن شريكًا أساسيًا في مكافحة الفساد”. وتوقع هارون أن تكون نتائج تخصيص رقم ثابت للتبليغ عن الفساد إيجابية خاصه وأن النيابة قصدت من تخصيص الرقم تسهيل سبل الوصول للعدالة.
بلاغات على الطاولة
وكان وكيل النيابة العام، مولانا عمر أحمد محمد، قد صرح في وقت سابق عن تقديم تسعة متهمين للنيابة بعد ثبوت تورطهم في قضايا فساد. ولم يفصح النائب العام عن الأسماء التي قدمت للنيابة.
الخرطوم (كوش نيوز)