بحث عن السيرة النبوية
الرسول محمد صلى الله عليه وسلم
هو رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى العالمين، وهو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، ويكنّى بأبي القاسم، ولد في الثاني عشر من شهر ربيع الأول عام 53 قبل الهجرة، وكان يصادف ذلك عام الفيل في مكة المكرمة.
قد أرسله الله تعالى إلى البشرية ليدعوهم إلى الطريق الحق بتوحيد الله سبحانه وتعالى وعبادته، وهو خير الأنام وسيد البشرية، وكان معصوماً عن الخطأ، ويحظى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بالمنزلة العظيمة في نفوس المسلمين، وبدؤوا باتباعه منذ بدء بعثته وحتى بعد وفاته بقرون طويلة.
نشأ رسول الله صلى الله عليه وسلم يتيم الأب، وترعرع في بيت جده عبد المطلب بعد أن توفيت أمه وهو صغير السن، وبعد وفاة جده انتقل إلى كنف عمه أبي طالب، وامتهن الرعي والتجارة، وعند بلوغه سن الخامسة والعشرين تزوج من السيدة خديجة بنت خويلد، وهي أم لجميع أبنائه ماعدا إبراهيم.
لم يسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم لأي صنم قط حتى قبل مجيء الإسلام بالرغم من انتشار الوثنية في الحقبة التي عاش بها في مكة، وبدأ نزول الوحي جبريل عليه السلام على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وهو في سن الأربعين، وأمره الله سبحانه وتعالى ببقاء الدعوة سرية إلى الإسلام لمدة ثلاث سنوات، وتلتها عشر سنوات دعوة جهرية في مكة، وكان أول من آمن من النساء السيدة خديجة بنت خويلد، ومن الرجال أبو بكر الصديق رضي الله عنه، ومن الصبيان علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، ومن الموالي الصحابي زيد بن حارثة، ومن العبيد بلال بن رباح الحبشي رضي الله عنهم.
شهدت فترة دعوته للإسلام التي استمرت لثلاثة عشر عاماً متاعب وصعوبات قد واجهته، وبالرغم من ذلك صبر وثبت على ما أمره الله به، وكانت بداية البعثة في الثالث عشر من شهر رمضان عندما كان يتعبّد في غار حراء في مكة المكرمة، وتوفي في الثاني عشر من ربيع الأول من العام الحادي عشر للهجرة في المدينة المنورة.
السيرة النبوية
هو علم يُعنى بجمع أحداث وتفاصيل حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكل ما ورد في حياته قبل البعثة للإسلام وما بعدها، وكما يتطرق للصفات الخُلقية والخلقية للرسول صلى الله عليه وسلم، ويُسرد في سيرته النبوية جميع الغزوات التي قادها والمعاهدات وأمور حياته الشخصية، وهجرته النبوية وغيرها من أدق التفاصيل في حياته الشريفة.
تعرف السيرة لغةً بأنها هيئة الإنسان، أو الطريقة، أما اصطلاحاً فتعرف بأنها ما تم تدوينه ونقله للعصور المتلاحقة حول حياة رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم وما شهدتها من أحداث وحتى وفاته، وتضم سيرته النبوية تفاصيل تتمثل بمكان ولادته ونشأته ونسبه والمراحل التي مر بها من الطفولة حتى الشباب حتى الكهولة، وأحداث بدء بعثته رسولاً للإسلام وتفاصيلها، والمعجزات التي أيدّه الله بها، والمراحل التي مرت بها الدعوة، والجهاد، والغزوات.
أهمية السيرة النبوية
- تقدّم السيرة النبوية الوسيلة للتعرف على رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قرب، واستيعاب أبعاد شخصيته من خلال التفاصيل الواردة فيها.
- تعتبر السيرة النبوية قدوة حسنة للمسلم ليمشي على خطى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقتبس منه محاسن الأخلاق والعيش بحياة فضلى.
- تساعد المسلم على استيعاب القرآن الكريم وفهمه، وذلك من خلال ارتباط معظم الآيات الكريمة بأحداث مرت في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
- تعّد السيرة النبوية أنموذجاً فعالاً لتنشئة المسلم تنشئة سليمة وتعليمه على أحكام الإسلام، فيتخذ المسلم من رسول الله صلى الله عليه وسلم خير مربٍّ ومعلم.
- التعرّف على من عاصر رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته رضوان الله عليهم.
- تمتاز السيرة النبوية بأنها كاملة متكاملة لم تترك أي جزء من حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا وقد أوردته تفصيلاً، وهذا ما تفتقر إليه أية سيرة أخرى.
- تمنح المسلم القدرة على فهم العقيدة الإسلامية.
- الاقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة.
- استيعاب القرآن الكريم وفهم أحداثه.
النطاق الزماني والمكاني
تضم السيرة النبوية بين طياتها تفاصيل حياة رجل عظيم عاش ثلاثة وستين عاماً في أحضان مكة المكرمة والمدينة المنورة، وتبدأ السيرة النبوية منذ لحظة ولادة رسول الله صلى الله عله وسلم في الثاني عشر من ربيع الأول عام 53 قبل الهجرة، مروراً بتفاصيل وأحداث ثلاثة وستين عاماً وصولاً إلى الثاني عشر من ربيع الأول في السنة الحادية عشر للهجرة تاريخ وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
تدور أحداث حياته ما بين مكة المكرمة والمدينة المنورة، فعاش في كنف مكة المكرمة معظم حياته وكانت مركزاً لبدء انطلاق الدعوة الإسلامية، وكان حينها في الأربعين من عمره، وبدأت بعدها الهجرة النبوية إلى المدينة المنورة عندما بلغ سن الثالثة والخمسين، وأقام في المدينة المنورة مدة تجاوزت العشر سنوات، وخلال إقامته بالبلدتين زار الطائف مرتين، وتبوك، لذلك تنحصر سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم في منطقة جزيرة العرب وبشكل أدق في الحجاز، وبعد اكتمال رسالته السماوية في نشر الإسلام انتقل إلى جوار به وكانت رقعة الإسلام قد اتسعت كثيراً لتضم قبائل وشعوب من مختلف أنحاء العالم.
مميزات السيرة النبوية
تمتاز السيرة النبوية عن غيرها من سير الأعلام بعدة مزايا لم تحظَ بها أية سيرة أخرى، وهي:
- الصحة: تمتاز السيرة النبوية بصحتها ودقة المعلومات الواردة فيها حول حياة الرسول صلى الله عليه وسلم، واتبعت أصح الطرق لتصل إلى الأجيال اللاحقة، وأكثرها ثبوتاً، ومن أكثر الطرق صحة القرآن الكريم إذ ورد ذكر أحداث ووقائع كثيرة في آياته الكريمة، وكل ما يتعلق بحياته.
- الوضوح: لم يكتنف سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم أي غموض فكانت واضحة المعالم منذ زواج والده بوالدته وحتى تاريخ وفاته، فكانت التفاصيل دقيقة وواضحة لقارئ السيرة، مرفقة بها تواريخ حدوث كل حادثة دون أن تتضارب الآراء والأقوال حول أي منها.
- الواقعية: حافظت سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم على نقل ما أيّد به الله سبحانه وتعالى رسوله الكريم من المعجزات التي لم تخرج عن نطاق العادة، أي أن حياته لم تكن أسطورة بل واقعاً كان قائماً فوق أراضي مكة المكرمة، واتصفت بالتوازن.
- الشمولية: تطرقّت السيرة النبوية إلى ذكر الأحداث الخاصة بحياة الرسول صلى الله عليه وسلم سواء على الصعيد الفردي أو الجماعي، فتنقل أحداث حياة اجتماعية ترتبط بواقعه كالزواج وعلاقته بأزواجه، وحياته الدينية والاجتماعية والسياسية والإدارية.
مصادر السيرة النبوية
يعتمد المسلمون على مجموعة من المصادر للحصول على السيرة النبوية الشريفة، ومنها:
- القرآن الكريم، ويعد أكثر المصادر صحة ومصداقية لأنه كلام الله تعالى المنزل.
- كتب الحديث وشروحها، ومنها كتب الحديث الستة، وأكثرها دقة صحيح مسلم، وصحيح بخاري.
- كتب التفاسير وأسباب النزول، كجامع البيان في تأويل آيات القرآن للطبري، وتفسير ابن كثير.
- كتب النسخ والمنسوخ، ومنها: ناسخ القرآن ومنسوخه للبارزي.
- كتب الرجال والتراجم والطبقات، ومنها الاستيعاب في معرفة الأصحاب لابن عبد البر.
- كتب التاريخ، ومن بينها تاريخ الإسلام للذهبي، وتاريخ الأمم والملوك للإمام الطبري.