الوعي والفكر
تحليل نص فلسفي
إننا نجد دوماً أن مفهوم الإنسان أو الوعي أو الفكر مثلاً يحتل ويتبوأ مكانةً مرموقةً في تاريخ جميع المدارس والطوائف الفلسفية بشكلٍ عام ، حيث انكب جميع الفلاسفة و المفكرين والباحثين على دراسته – الوعي والفكر – كل من موقعه ومن زاويته الخاصة به ، مما أدى ذلك بدوره إلى وجود تعارض و تباين و إختلاف وتناقض بين مواقفهم و تصوراتهم ورؤاهم ،و سنجد أن النص التالي الماثل بين ناظرينا هنا يندرج ضمن نفس المفهوم السابق إذ نراه يسلط الضوء على مسألة أكون أو لا أكون و من هنا بإمكاننا فرز وبسط وإستعراض الإشكال التالي .هل المقصود بالقول أن أكون هو ماهية الواقع الذي يسعى المرء على تحقيقه أم هو الواقع من وجهة نظر وفهم الآخرين سواه حول هذا الواقع، ومنه بمقدورنا بعد ذلك الإستنتاج وطرح الأسئلة التالية. من على شاكلة بأي معنى يمكن القول أن ما تراه أنت هو حقيقة ما أراه أنا طبق الأصل عن الرؤية التي لديك و إلى أي حد يمكننا إعتبار المسألة حقيقية وليست نسبيه بشكل عام .
أولاً – العرض ، والمقصود هنا هو عرض المسألة موضوع النقاش والطرح الحالي الذي ما بين يدينا .
– فإننا نلاحظ أنه من خلال قراءتنا للنص التالي يتضح لنا أنه يقوم أو يتبنى أطروحة هامة وأساسية مضمونها ، هل ما تجده أنت صواباً من الضرورة أن أراه أنا أيضاً كذلك والعكس صحيح ؟ وهل اللون الأخضر مثلاً أراه كما يراه الآخرين فربما كنت أرى الأخضر غير ما يراه جاري أو ابني أو شريكي في العمل
وكما رأينا فقد إستثمر صاحب النص جملة من المفاهيم والقوانين الفلسفية أهمها النسبية والشك ، وفي خضم الإشتغال على النص المذكور ثم الوقوف بعدها على مجموعة من الأساليب الحجاجية والتحاورية والجدالية و الروابط المنطقية والتي من أبرزها تغييب صفة الحقيقة المطلقة والمجردة عن أي شيء مهما كان واضحاً وجلياً وبديهياً لنا ، وفي هذا تكمن قيمة وأهمية الأطروحة الغنّاء التي تبناها صاحب النص المذكور قيد النقاش هنا .
ويبدو أن جدال الباحث هنا يكاد يلتقي مع الفلسفة الديكارتية أنا أشك أو أنا أفكر إذن أنا موجود ، وتلتقي أيضاً مع نسبية أينشتاين القائلة أن كل شيء نسبي في هذا الكون ويحتمل عدة تأويلات في نفس الوقت ، ونجد الباحث وكأنه يقول ليس كل ما يلمع ذهباً ، وليس كل سرابٍ ماء ، وكأنه يريد أن يقول أيضاً إذا رأيت نيوب الليث بارزةً فلا تظنن أن الليث يبتسم .
إستعراض الخاتمة
نجد ونستنتج ويتبين مما قد سلف أن إشكالية الوعي والفكر بين فرد وفرد وحتى مع الفرد نفسه في وضعيتين وحالتين مختلفتين قدأخرجت موقفين متعارضين ومتناقضين في نفس الوقت . و نجد أن مفهوماً أو أمراً أو تحليلاً ما يؤيده مفكرون وينقده آخرون ، وحتى أصحاب المعسكر الواحد تجدهم يتراجعون عن مواقفهم ربما فيما بعد ، وعليه فقد صدق من قال : رضا الناس غايةً لا تدرك ، أو كما قال عبدالله الكسواني : إن رضا المرء المطلق عن نفسه هي غاية لا تدرك .
وخلاصة القول أن المفهوم الفلسفي يبقى دوماً غنيًا بالنّقاش ومن الثراء بحيث لا يمكن أن نحصره في بضعة آراء فقط لأنّه قابل للدّراسة والتمحيص والمتابعة من زوايا مختلفة وقابل كذلك للتّناول والتداول في أنماط ومدارس وأساليب فكرية أخرى .