الوطني يطالب قياداته بمشاركة الناس “المعاناة” ويدعو لإصلاح (معاش الناس)..
يبدو أن أمر معاش الناس قد استعصى على كل القائمين على أمر البلاد، حيث شهدت البلاد مشكلات قعدت بالجميع، وأثرت بصورة مباشرة على حياة الناس، وفى نفس الوقت دعا كثيرون إلى التفكير برؤية مختلفة وخارج الصندوق لإيجاد حلول جذرية. فيما يرى كثيرون أن التفكير يتطلب بعدًا آخر وهو تحديد موطن الخلل الذي أوصل الناس إلى هذه المرحلة ثم البدء في إجراء إصلاحات شاملة تطال كل من ساهم في أن تصل البلاد إلى هذا الوضع المعيشى المزري.
وما دعانا إلى البحث عن تلك المعطيات الحياتية اليومية، أن حزب المؤتمر الوطني في أعلى قياداته متمثلة في نائب الحزب الدكتور فيصل حسن إبراهيم دعا قياداته في المركز والولايات إلى الالتحام مع الجماهير وأن تنزل للقواعد لتشارك في إيجاد حلول لمشكلات معاش الناس، مؤكدًا لدى مخاطبته الجلسة الافتتاحية للملتقى السياسي على ضرورة إيجاد حلول للتحديات الاقتصادية التي تواجه البلاد بخلق مبادرات مجدية.
لم تكن الأولى:
لم تكن دعوة د. فيصل حسن إبراهيم لقيادات حزبه للاهتمام بمعاش الناس هي الأولى من نوعها، إذ سبق أن طالب ولاة الولايات ووزراء حكومة الوفاق الوطني بعد إدائهم القسم أن يضعوا أمر معاش الناس وتنمية وتطوير الاقتصاد وزيادة الإنتاج والإنتاجية في مقدمة أولوياتهم التنفيذية .
تتعدد الأسباب:
وتتعدد أسباب الضائقة المعيشية، فكثير من الناس يربطها بتدهور قيمة الجنيه السوداني وآخرون يرجعونها إلى سياسات الحكومة خاصة تلك التي ارتبطت بميزانية العام الحالي والتي أدت إلى رفع قيمة الجمارك والاعتماد الكلي على الضرائب، الأمر الذي أدى إلى زيادة في التضخم مع انفلات كبير في الأسواق وصولاً إلى إحداث خلل في الميزان التجاري.
تقييم حقيقي:
وتوطئة لمعرفة آراء بعض الخبراء والمحللين وصولاً إلى تقييم حقيقي لها متابعة وتنفيذاً، يرى البروفيسور الطيب زين العابدين لـ”الصيحة” الصادرة يوم الأحد أن حكومات الولايات وجهت لتسهيل معاش الناس وبعضهم حاول تخفيف الضائقة المعيشية من خلال عمل أماكن للبيع المخفض، إلا أن هذه الأسواق لم تنجح ولم تستمر لفترة طويلة، وتساءل زين العابدين ما إذا كانت القيادات الكبيرة في الحزب لم تستطع فعل شيء فهل تستطيع القيادات الوسيطة في المؤتمر الوطني أن تفعل شيئاً، ولكنه يرى أن تكرار الحديث دون فعل في أرض الواقع يعد استهلاكاً إعلاميًا.
تقليص مخصصات:
وأضاف زين العابدين أن القيادات الحكومية تعرف أن أسباب الضائقة المعيشية سببها ارتفاع قيمة الدولار مقابل الجنيه السوداني، مضيفاً أن قيادات الحزب لن تستطيع أن تفعل شيئاً حيال الأزمة الاقتصادية، حيث أن التوصيات الاقتصادية التي جاءت خلال السنوات الثلاث الأخيرة أوصت بضرورة تقليص الإنفاق الحكومي، ولكن الحكومة لم تقلص إنفاقها بل ضاعفته كثيرًا، وطالب الحكومة بضرورة تقليص طاقمها الوزاري الذي يتكون من 79 وزيراً اتحادياً ووزير دولة، مؤكداً أن مخصصات الدستوريين والتنفيذيين في ظل الحكم الإتحادي هي التي تقصم ظهر ميزانية الدولة، كما دعا إلى تخفيض ميزانية بعض الوزارات السيادية في ظل السلام الذي تعيشه البلاد حالياً .
حتى يتعافى الاقتصاد:
ويواصل الأكاديمي والمحلل السياسي زين العابدين ويرى بأهمية أن تخفض الدولة إنفاقها حتى يتعافى الاقتصاد السوداني، مثمناً اتجاهها الأخير وخطوتها في تخفيض طاقمها الدبلوماسي مطالباً بضرورة تخفيض الطاقم الوزاري على غرار الطاقم الدبلوماسي، وقال: إذا أرادت الحكومة الوصول إلى حلول للضائقة المعيشية أن تبدا بوقف سفريات الوزراء وتخفيض استضافة المؤتمرات العالمية وتخفيض الصرف الولائي.
أثر ملموس:
وحتى نصل إلى فعالية إيجابية ذات أثر ملموس يرى الطيب أهمية معالجة مسألة ارتفاع الدولار المتواصل والذي تنبني عليه مقدرة الدولة على مراجعة بعض الثغرات فيما يتعلق بمعيشة المواطن، خاصة وأن البلاد تستورد أكثر مما تنتج، إلا إنه قال أن السياسات الاقتصادية ساعدت في خفض قيمة الجنيه، فطباعة العملة تزيد من انخفاض قيمة الجنيه، كما أن زيادة التضخم أحد أسبابه السياسات الحكومية، مشيراً إلى وجود بعض القرارات أثرها سلبي على سوق العملة وعلى تزايد نشاط المتلاعبين بها.
قرار اقتصادي:
وفي منحى آخر يرى اقتصاديون أهمية إعلاء شأن القرار الاقتصادي في معالجة مشاكل الناس المعيشية، حيث يؤكد الخبير الاقتصادي الدكتور عبد الله الرمادي لـ(الصيحة) الصادرة يوم الأحد أن دعوة الوطني لقياداته للالتحام مع الجماهير لخلق مبادرات لمعالجة الوضع الاقتصادي تأتي في إطار التحركات السياسية، مطالباً بقرارات اقتصادية جريئة لمعالجة الوضع الاقتصادي، وما عدا لذلك يعتبر الرمادي المسائل ترقيعية ليست ذات أهمية توضع في خانة الإشارات السياسية يضيع معها المعنى الحقيقي لحلول الأزمات.
روشتة معالجات:
ويذهب الخبير الاقتصادي عبد الله الرمادي في حديثه لـ”الصيحة” ويعدد أسباب تدهور الوضع المعيشي ويرجعه إلى تزايد الإنفاق الحكومي المترهل بالإضافة إلى الترهل في الإنفاق على السياسة مقابل الإنفاق على مشروعات الإنتاج، زد على ذلك الفساد المستشري وتهريب موارد البلاد إلى الخارج مثل الذهب والصمغ العربي دون أن تستفيد من إيراداتهما البلاد، ويقدم الرمادي روشتة معالجات تتلخص في الاتجاه نحو حكومة رشيقة بدلاً من الحكومة المترهلة التي قارب أعداد وزارئها الثمانين وزيراص في بلد على شفا الانهيار الاقتصادي ـ وفقاً لحديثه، مطالباً بالاستمرار في حملات محاربة ومكافحة الفساد بكل انواعه لأجل انصلاح الأحوال دون أن يكون ذلك تحت بند الشعارات.
الخرطوم (كوش نيوز)