النهود نموذجاً…!!
:: كما إجتاح فيضان القاش بعض قرى كسلا ، فالسيول تجتاح مدينة النهود .. وتعريف الكارثة هو أي حدث مأساوي يخلف خسائر بشرية أو مادية، أي ليست بالضرورة أن تكون هناك خسائر بشرية ليسمى الحدث المآساوي بالكارثة، فالخسائر المادية تكفي ليكتسب الحدث الماساوي اسم وصفة ( الكارثة)..هكذا التعريف العلمي الموثق في المراجع والكتب.. وعليه، ناهيكم عن ضحايا سيول النهود، وتم تقدير عددهم ب ( 6 مواطنين)، رحمهم الله، وما هم إلا بعض أفراد رعية حياتها قاب قوسين أو أدنى من الموت.. وكما تعلمون فان قدر المواطن – في بلادنا – إن لم يمت بالسيل، مات بالحرب أو الفقر ..!!
:: وقد بلغت مآسي أمطار وسيول ليلة وضحاها بالنهود وبعض مناطق غرب كرفان لحد أن صار طموح الأسر هناك فقط إمتلاك (مشمع وبطانية)، وهذه هي الكارثة..نعم، فالكارثة ليست هي الأمطار والسيول التي أرسلها قضاء الله الذي يؤمن به أهل السودان، بل هي إدارة السلطات لمخاطر السيول والأمطار – سنوياً – بشكل (غير لائق).. فالإدارة الحكومية هي (الكارثة الكبرى)، وليست القضاء والقدر.. والعلم الذي عرف الكارثة بالحدث المأساوي، لم يغفل عن تصنيفها ..هناك كارثة طبيعية، ومنها السيول والأمطار، وهناك كارثة من صنع الإنسان، ومنها ( العجز والفشل)..!!
:: والذين تجرفهم السيول، وتهدم منازلهم ، هم الذين يدفعون ثمن ( العجز والفشل) .. بكل ولايات السودان، قرى بأكملها في مجرى السيل، بعلم وأمر وتخطيط وتوزيع السلطات، و هذه هى الكارثة التي تصنعها الحكومة ثم تنسبها للقضاء والقدر .. وشوارع المدائن تحتفظ بمياه الأمطار لحين التبخر أو التسرب إلى جدران المنازل لسوء تخطيط السلطات، وهذه هي الكارثة التي تصنعها الحكومة ثم تنسبها للقضاء والقدر..وتتفاجأ المدائن بالسيول القادمة من بعد آلاف الأميال لجهل السلطات اوتجاهلها تكنلوجيا الإنذار المبكر، والجهل والتجاهل هما الكارثة التي تصنعها الحكومة ثم تنسبها للقضاء والقدر..!!
:: وتتمزق الشوارع قبل أن تكمل العام عمراً لسوء التخطيط والتنفيذ، وهذه هي الكارثة التي تصنعها الحكومة ثم تنسبها للقضاء والقدر.. وهكذا .. خلف كل كارثة جهل مسؤول أوعجز مسؤول أوفشل مسؤول أوفساد مسؤول، و أقدار السماء أسمى وأنقى من أن نصفها بصفات العجز والفشل والجهل والفساد.. إذ تلك صفات بشرية، وللأسف هي تسري كما الدم في أوردة وشرايين سلطات التخطيط والتنفيذ..ودائماً، بعد موت البعض تحت أنقاض المنازل، ثم تشرد البعض الآخر بعد أن جرفت السيول المنازل، هناك من يخرج للناس قائلاً : ( إزالة مياه السيول والأمطار في وقت وجيز بحاجة إلى إزالة بعض الطرق)، أو هكذا يكشفون سوء التخطيط..!!
:: وعلى سبيل المثال بمدينة النهود، فالسلطات والشركات هي المتهمة بالتسبب في كوارث السيول والأمطار التي جرفت المنازل وبعض سُكانها، لأنها – بالرصف العشوائي – أغلقت الشوارع والمصارف مما أدى إلى تراكم المياه وإنهيار المنازل على رؤوس أهلها .. ولتفادي مثل هذه المخاطر، فان المطلوب – من السلطات الحكومية – لم يكن مستحيلاً ، بل كان المطلوب ما يسمى بالتفكير الاستباقي لمخاطر السيول .. بالتفكير الاستباقي تقي الحكومات شعوبها من مخاطر السيول ..ولكن الحكومات التي تُدمن التباكي على كوارث السيول، فلا يُرجى منها غير التفكير في كيفية إستجداء الإغاثات ..!!