التعليمي

النحو

اللّغة العربيّة لغة القرآن الكريم ولغة أشرف المرسلين سيدنا محمّد “صلّى الله عليه وسلّم”. تمتاز اللّغة العربيّة عن غيرها من اللّغات بسمات عديدة، لا يتقنها إلّا من يتبحّر فيها وفي علومها. لها علوم عدّة، ومصنّفات كثيرة، ومع ذلك فهي لا تفيها حقّها كلّ الحق. فعلوم اللّغة العربيّة كثيرة، منها علم البلاغة، وعلم النّحو، وعلم اللّغة، وعلم الصّرف، وغيرها من العلوم. هنا سنتحدث عن علم النّحو.

ما هو علم النحو؟

علم النّحو هو العلم الذي يدرس تكوين الجمل وقواعد الإعراب فيها، أو نستطيع القول أنّه علم الإعراب بحدّ ذاته. وهذا العلم يقوم على دراسة الجملة بكل تفاصيلها، فهو يدرس أساليب تكوين الجملة، ومواضع الكلمات ووظيفة كل كلمة فيها، حيث أنّه يحدّد لكل كلمة وظيفتها في الجملة ومعناها، سواء بالابتداء، أو الفاعليّة للكلمة، والمفعوليّة كذلك، وتمييز المسند والمسند إليه (مبتدأ، فاعل، مفعول، … إلخ). كما أنّه يتضمّن أحكاماً لهذه الوظائف، كالتقديم والتأخير وأسبابهم وأحكامهم بالجواز وعدمه، والإعراب والبناء وأحكامهم وأسبابهم أيضاً.

وهو علمٌ مهمّ لما له من فوائد في فهم المعنى بطريقة صحيحة، وعدم قلب المعاني وخلافه. هذا العلم يقوم على ضبط أواخر الكلمات بالحركة سواء إعراباً أو بناء، وذلك بحسب القواعد التي وضعها العلماء العرب القدامى استشهاداً بكلام العرب قديماً، عندما لم يدخل اللّحن والخطأ في لغتهم، وكانت لغتهم العربيّة مقوّمة بالفطرة والغزيرة، وعليها قامت قواعد اللّغة العربيّة. وقد تطوّر هذا العلم لتؤسس له ثلاث مدارس أساسية يقوم عليها: وهي الكوفيّة، والبصريّة، والبغداديّة.

ما هي أسباب نشأة هذا العلم؟ ومن هو أوّل من وضع هذا العلم وأسّس له؟ ومن هم أشهر من كتبوا فيه؟

بعد اتّساع رقعة الدّولة الإسلامية بسبب الفتوحات الإسلاميّة خاصّة في عهد الخليفة الراشديّ عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه، ودخول الكثير من غير العرب الأعاجم للإسلام، زاد اللّحن والغلط في اللّغة العربيّة، لأنّ الأعاجم لم تكن اللّغة العربيّة لغتهم بالسليقة. ولذلك زادت الحاجة إلى وضع أسس وقواعد لكلام العرب ولغتهم حتى لا يكثر اللّحن فيها، ولحماية القرآن الكريم والسنّة النبويّة من أيّ خطأ أو تحريف قد يدخل عليهما.

والمعروف أن واضع علم النّحو ومؤسسه هو أبو الأسود الدؤليّ، وذلك لما سمعه من أعجمي مرّة يقرأ القرآن الكريم فقرأ: “إن اللهَ بريء من المشركين ورسوله”، حيث قرأ ورسوله بكسر اللام، وهذا خطأ فادح ويؤدّي لتغيير معنى كلام الله، حيث أنّها بكسر اللام تعني أنّ اللهَ بريء من المشركين ومن الرسول كذلك (وحاشاه ذلك)، فالصحيح أن تكون رسوله بفتح اللام لأنها معطوفة على لفظ الجلالة، أي أنّ الله َ والرسول بريئان من المشركين. ولذلك فقد وجد أبو أسود الدؤليّ ضرورة وضع هذا العلم. ومن المؤسسين أيضاً لهذا العلم سيبويه، وعبد الله بن أبي اسحق، والفراهيدي.

أمّا أشهر من كتب فيه فهناك ابن هشام الأنصاري صاحب كتاب “أوضح المسالك إلى ألفيّة ابن مالك)، وكتاب (الكافية) لأبي عمرو بن الحاجب، وكتاب (شرح ابن عقيل على الألفيّة) لبهاء الدّين بن عقيل، وكتاب العالم الأزهريّ محمد محيي الدّين (التحفة السنيّة). أمّا في عصرنا الحالي فقد عكف النحويون على دراسة كتب النحويين القدامى، وتقديم الشواهد وتسهيل الأحكام وشرحها.

زر الذهاب إلى الأعلى