المسجد الأقصى
المسجد الأقصى
مصطلح المَسجد الأقصى الذي تهلّلت به سورة الإسراء في قول الله عزّ وجلّ (سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله) ما هو إلّا اسم يُطلق على المساحة المُسوّرة غير المسقوفة والتي تبلغ 144 دونماً. يقع المسجد الأقصى على هضبة مُرتفعة تُسمّى (هضبة موريا)، يأخذ شكل شبه المنحرف، ويحتوي على الأشجار داخل سوره، كما تَرى حلقات تحفيظ القرآن وتعليمه تملأ أرضه.
معالم المسجد الأقصى
إنَّ من أشهر وأهمّ المعالم التي يحتوي عليها المسجد الأقصى هو ذاك المسجد ذي القبّة الذهبيّة المُسمّى بقبة الصخرة المشرفة، الذي بناه عبد الملك بن مروان، وأتى بعده ابنه الوليد بن عبد الملك ليشيّد المسجد ذا القبّة الرصاصيّة المُسمّى بالجامع الكبير أو مسجد الجمعة.
يشتمل المسجدُ على معالم كثيرة قد تصل إلى مائتي معلمٍ بارزٍ تتوزّع ما بين أبوابٍ ومدارسَ وأسبلة الماء، والأروقة، والبوائك ( البائكة هي لفظ يُستخدم في عمارة المساجد ويعني مجموعةً من الأعمدة التي تحمل الأقواس فوقها ويُصعَدُ لها بدرج)، وفيه الكثير من المصاطب (المصطبة هي مساحة تُبنى من الحجر ترتفع عن الأرض، ويُصعد إليها ببضع درجات بُنيت للتعليم والصلاة والجلوس).
بناء المسجد الأقصى
من المهم أن نوضّح أنّ المسجد الحرام والمسجد الأقصى قد تمّ بناؤهما أكثر من مرة، وما يخصّنا هنا هو الباني لأول الّذي أوجد أساسات المسجد وحدّد حدوده؛ جاء في الحديث الصحيح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنّ أبا ذر رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله أي مسجد وضع في الأرض أول؟ قال: «المسجد الحرام»، قال: قلت: ثمّ أي؟ قال: «المسجد الأقصى»، قال: كم كان بينهما؟ قال: «أربعون سنة ثم أينما أدركت الصلاة بعد فصله، فإنّ الفضل فيه».أخرجه البخاري في صحيحه.
تكمن أهميّة الحديث السابق في الإشارة إلى المُدّة الزمنية الفاصلة بين بناء المسجدين ممّا يُشير إلى أنّ الباني في الأصل واحد، كما قام الدكتور هيثم الرطروط بكتابة بحثٍ أشار فيه إلى التشابه الشكلي بين الكعبة المشرفة والمسجد الأقصى، مع اختلاف حجم الكعبة فهو أصغر من المسجد الأقصى بأضعاف، كما أنّه وفي بحثه أوضح بما يسمّى (orientation )، وهو يشيرُ إلى اتجاه بناء المسجد فظهر لنا بأن المسجد الأقصى يتجه بناؤه نحو المسجد الحرام، أي يتّجه إلى القبلة الحالية، فلعل هذه الأدلة تشير إلى بانٍ واحدٍ.
بناءً على أغلب أقوال العلماء فإنّ آدم عليه السلام هو الذي وضع أساسات الكعبة المشرّفة؛ لأنّ سيدنا إبراهيم قام برفع القواعد وليس بتأسيس البناء، فيظهر لنا بأنّ آدم عليه السلام هو من وضع أساسات المسجد الأقصى، كما يجدر التنبيه إلى أنّ سيدنا سليمان -عليه السلام – قد جدّد بناء بيت المقدس وفقاً للحديث عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:” لما فرغ سليمان بن داود من بناء بيت المقدس سأل الله ثلاثاً حكماً يصادف حكمه، وملكاً لا ينبغي لأحد من بعده، وألّا يأتي هذا المسجد أحد لا يريد إلّا الصلاة فيه إلّا خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه” فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “أمّا اثنتان فقد أعطيهما وأرجو أن يكون قد أعطي الثالثة”.(رواه ابن ماجه والنسائي وأحمد).