القصائد الغزلية للعشاق
عنترة بن شداد
هلا سألت الخيل يا ابنة مالك
إن كنت جاهلة بمــا لم تعلمي
يخبرك من شهد الوقيعة أنني
أغشى الوغى وأعف عند المغنمي
ولقد ذكرتك والرماح نواهل
مني وبيض الهند تقطر من دمي
فوددت تقبيل السيوف لأنها
لمعت كبــارق ثغرك المتبسم
ومدجج كره الكماة نزاله
لا ممعن هربــا ولا مستسلم
جادت له كفي بعاجل طعنة
بمثقف صدق الكعوب مقــوم
فشككت بالرمح الأصم ثيابه
ليس الكريم على القنـا بمحرم
لما رآني قد نزلت أريده
أبدى نواجذه لغيـــر تبسم
فطعنته بالرمح ثم علوته
بمهند صــافي الحديد مخذم
في حومة الحرب التي لا تشتكي
غمراتهـا الأبطال غير تغمغم
ولقد هممت بغارة في ليلة
سوداء حــالكة كلون الأدلم
لما رأيت القوم أقبل جمعهم
يتذامرون كررت غير مذمـم
يدعون عنتر والرماح كأنها
أشطان بئر في لبان الأدهـم
ما زلت أرميهم بثغرة نحره
ولبانــه حتى تسربل بالدم
فازور من وقع القنا بلبانه
وشكى إلى بعبرة وتحمحـم
لو كان يدري ما المحاورة اشتكى
ولكان لو علم الكلام مكلمي
ولقد شفى نفسي و أبرا سقمها
قيل الفوارس ويك عنتر أقدمي
والخيل تقتحم الغبار عوابسا
ما بين شيظمة وأجرد شيظم
سمراءُ رقّي للعلي الباكي *** وترفقي بفتى مُناه رضاكِ
ما نام منذ رآكِ ليلة عيده *** وسقته من نبع الهوى عيناكِ
أضناه وجدٌ دائمٌ وصبابة *** وتسهدٌ وترسمٌ لخطاكِ
أتخادعين وتخلفين وعودَه *** وتعذبين مدلّها بهواكِ
وهو الذي بات اليالي ساهرا *** يرعى النجوم لعله يلقاكِ
في يوم عيدٍ حافل قابلتِهِ *** فتسارعتْ ترخي الخمارَ يداكِ
أتحرّمين عليه منية قلبه *** وتحلين لغيره رؤياكِ
وتسارعين إلى الهروبِ بخفةٍ *** كي لا يمتّع عينَه بهاكِ
وتعذبين فؤادَه في قسوةٍ *** رحماكِ زاهدة الهوى رحماكِ
ما كان يرضى أن يراكِ عذوله *** بين الصبايا تعرضين صباكِ
وتقربين عذوله بعد النوى *** وترددين تحية حياكِ
يا منية القلب المعذب رحمة *** بالمستجير من الجوى بحماكِ
أحلامه دوما لقاؤكِ خلسة *** عند الغدير وعينُه ترعاكِ
ترضيه منك إشارة أو بسمة *** أو همسة تشدو بها شفتاكِ
لا تهجري وتقوضي أحلامَه *** وتحطمي آمالَه بجفاكِ
وترفقي بفؤادِه وتذكري *** قلبا بداية سعده رؤياكِ
قد كان أقسم أن يتوبَ عن الهوى *** حتى أسرتِ فؤادَه بصباكِ
سمراءُ عودي واذكري ميثاقنا *** بين الخمائل والعيونُ بواكِ
كيف افترقنا … إيه عذراءَ الهوى *** لم أنسَ عهدك لا ولن أنساكِ
بين المروج على الغدير تعلقتْ *** عيني بعينك والفؤادُ طواكِ
ثم التقينا في الخميلة خلسة *** وشربتُ حينا من سلافِ لماكِ
وتساءلتْ عيناك بعد تغيبي *** أنسيتَ عهدي أيها المتباكي؟
لا والذي فطر القلوب على الهوى *** أنا ما نسيتُ ولا سلوتُ هواكِ
لكنّ قلبي والفؤادَ ومهجتي *** أسرى لديكِ فأكرمي أسراكِ
سأظل في محراب حبكِ ناسكا *** متبتلا مستسلمالقضاكِ