القسطنطينية حالياً
- ١ القسطنطينيّة
- ٢ تأسيسُ القسطنطينيّة
- ٣ القسطنطينيّة في العصر البيزنطي
- ٤ فتحُ القسطنطينيّة
- ٥ القسطنطينيّة حالياً
- ٦ المراجع
القسطنطينيّة
مدينة القسطنطينيّة القديمة هي واحدة من أعرق المدن وأهمّها في تاريخ الشرق خلال حقبة العُصور الوسطى، فقد كانت تعتبر معبر أوروبا إلى المشرق العربي في تلك الفترة، حينما كانت تُسمّى بيزنطة ولاحقاً القسطنطينية.
وتقعُ القسطنطينيّة القديمة حالياً في مدينة إسطنبول الحديثة بدولة تركيا، وهي أكبرُ مدن تركيا من حيثُ عدد السكان ومركز الدولة التجاري والمالي، كما أن إسطنبول مقصد سياحي مهم بالنسبة للدولة التركية، فهي تُعبِّر عن الثقافة التركية الحديثة، وتحملُ في الوقت نفسه روح الماضي لوجود الآثار فيها التي تخبر الزوار والسائحين عن المراحل والفترات التاريخية التي مرت بها المدينة.
كانت المدينة عاصمة الدول والإمبراطوريّات التي حكمت تلك المنطقة طوال الألف سنةٍ الأخيرة، حيث كانت مُنذ نشأتها بفترةٍ وجيزة عاصمةً للإمبراطوريّة الرومانية الشرقية، وأصبحت فيما بعد عاصمة الدولة البيزنطية، التي كانت الدولة المسيحيّة الكُبرى في العالم لمئات السّنين، وذلك إلى أن تمكَّن العثمانيون من فتحها في نهاية القرن الخامس عشر، ومُنذ ذلك الحين تحوَّلت لتُصبحَ عاصمة الدولة العثمانية.[١]
تأسيسُ القسطنطينيّة
تم استيطان القسطنطينيّة الحالية منذ عصورٍ قديمة جداً، لكن تأسيسها بشكلها الذي استمرَّ حتى الوقت الراهن كان في عام 324 م، عندما بُنيت عاصمةٌ للإمبراطورية الرومانية الشرقية في موقعها بأمرٍ من الإمبراطور قُسطنطين، وقد اختارَ مكانها؛ لما له من أهمية استراتيجية في التحكّم بمضيق البوسفور، وسُمّيت المدينة الجديدة “نوفا روما” أو “روما الجديدة”. وبُنيت المدينة على سبعة جبال، مثلُها في ذلك مثل روما القديمة الحقيقيّة، وقُسّمت إلى أربعة عشر حياً.
كانت لهذه المدينة المُنبثقة أهميَّة دينية عالية، فقد كان قُسطنطين أول إمبراطورٍ روماني يُعلن أنه مسيحي، أو على الأقلّ يدعمُ الدين المسيحي علناً -فالمؤرخون يختلفُون فيما إذا اعتنقَ المسيحية فعلاً-. وقد ضمَّت المدينةُ سكاناً وثنيين وكذلك مسيحيين جُدداً، ومع أنَّ المسيحيين كانوا مُضطهدين سابقاً في الإمبراطورية الرومانية، إلا أنَّهم حصلُوا على الفرصة لبناء كنائس وكاتدرائيات خاصّة بهم في القسطنطينيّة.[٢]
القسطنطينيّة في العصر البيزنطي
لم تمضِ فترة طويلة على تأسيس الإمبراطورية البيزنطية حتى جاءَ آخرُ أباطرتها الوثنيين، وهو جوليان المُرتدّ، وكان جوليان أول إمبراطورٍ وُلد في مدينة القسطنطينيّة الجديدة نفسها، واشتُهر بأنَّ له اهتماماً شديداً بالفلسفة الرومانية والإغريقية، وقد حاولَ هذا الإمبراطور القضاء على كلِّ أثرٍ للدين المسيحي في الدولة، إلا أنَّه لم ينجح بذلك تماماً، وقد ماتَ جوليان أثناء معركةٍ مع جُيوش الفرس في عام 363م.
جاء بعده الإمبراطور ثيودوسيوس الأكبر، وقد كان ثيودوسيوس إنساناً مُتديِّناً وحقدَ على التخريب الذي ألحقهُ جوليان بالدين المسيحيّ، ورغبةً منهُ في الانتقام أعلنَ أنَّ الوثنية ديانةٌ محظورة، وجعل المسيحية الدين الرسميَّ للإمبراطورية البيزنطية في عام 391م. ويُشتهر ثيودوسيوس بأنَّه أمرَ بتشييد أسوارٍ هائلة للمدينة بلغَ ارتفاعُها ثلاثة عشر متراً، كما أعاد بناء كنيسة آيا صوفيا، والتي بُنيت في عام 360م ولكنها دُمّرت بسبب حريقٍ في سنة 404م، وأمر بإلغاء الألعاب الأولمبية التي كانت تُقام مرَّة كل أربعة أعوامٍ لمئات السّنين ولم يتمَّ إحياؤها لقُرابة خمسة عشر قرناً بعد ذلك. [٢]
من أشهر الأباطرة البيزنطيين اللاحقين جستنيان، الذي حكمَ الدولة مُنذ عام 527م وحتى 565م، وكان عدد سُكّان مدينة القسطنطينيّة في عهده حوالي 300,000 إنسان، وقد اشتهر جستنيان بإدخاله إصلاحات وتطويرات إداريّة وتنظيمية كثيرة على المدينة، وقد أعاد بناء كنيسة آيا صوفيا، وشيّد قصراً جديداً، وشدَّد نظام حصاد الضرائب، وقد وسَّع مساحة الدولة بدرجةٍ كبيرة جداً، حيثُ تمكَّن من غزو إيطاليا وإسبانيا ومصر وشمال أفريقيا، وهو معروفٌ بوضعه “قانون جستنيان” الذي نظَّم حُقوق المواطنين البيزنطيين، وقد شهد عهدُه ثورة عنيفة جداً تُسمّى ثورة نيقا وقعت سنة 532، وكان سببُها غضب المواطنين من بعضِ تشريعاته وسياساته في الحُكْم، وقد مات فيها ما يُناهز ثلاثين ألف شخص، ولم تكُن هذه الكارثة الوحيدة في عهد جستنيان، فقد انتشرَ في عصره أيضاً وباء الطاعون المُميت الذي فتك بحوالي 100.0000 إنسان من سُكّان القسطنطينيّة في عام 5411م. وينظرُ المؤرخون إلى جستنيان على أنَّه آخر الأباطرة الأقوياء للقسطنطينية، ومُنذ موته دخلت الإمبراطورية في حالة تدهورٍ تدريجيٍّ استمرَّت لتسعة قرون.[٢]
فتحُ القسطنطينيّة
حاولَ المُسلمون فتح مدينة القسطنطينيّة بدءاً من عام 674م، عندما أرسل المسلمون أوَّل حملة لمُحاولة اختراق أسوارها، وقد دامت مُحاولات فتحها طويلاً بعد ذلك، ففي عهد الأمويين والعباسيين والسلاجقة وصلت العديد من الجيوش الإسلامية إلى أبواب القسطنطينيّة دُون أن تنجح بدُخولها، وفي عهد السلاجقة أقام الأتراك دُولاً عديدة في الأناضول وضعت ضغطاً على الإمبراطورية البيزنطية وانتزعت منها مُدنها مراراً وتكراراً، وكانت آخرُ هذه الدول هي الدولة العثمانية، التي ظهرت في نهاية القرن الثالث عشر الميلادي على يد مُؤسّسها عثمان بن أرطغرل.[٣]
ومُنذ سنة 1373 من العهد العثماني أطبق العثمانيون الحصارَ على القسطنطينيّة، فقد كانوا مُحيطين بها من الشرق في آسيا، ومن الغرب في أوروبا، وفي عام 1452-1453 أمر السّلطان محمد الثاني المشهُور بمُحمَّد الفاتح بإحاطة المدينة والاستعداد لغزوها، وقد بنى محمد الفاتح قلاعاً قُرب مداخل القسطنطينيّة الشمالية، وذلك لمنع وُصول أيّ مُساعداتٍ إليها من البحر الأسود، وأما من جهة بحر إيجة فقد كان العثمانيون مُسيطرين تماماً على المعبر.
وعندما أحس الإمبراطور البيزنطي بالخطر العظيم استجدى العديد من الدول المسيحيَّة في أوروبا للحصول على الدعم، لكنه لم يحصُل على سندٍ يُذكر.[٣] وحصلَ العثمانيون على خدمةٍ من خبير مدافع هنغاري بنى مدفعاً عملاقاً طُوله عشرة أمتار، وتمكَّن المدفع من تدمير أسوار المدينة في صباح 29 مايو عام 1453، فدخلها الجيش العثماني بعد شهر ونصفٍ من الحصار، وسقطت القسطنطينيّة في اليوم نفسه، وفرَّ الإمبراطور البيزنطي الآخر وهو قُسطنطين السادس، وتختلفُ الروايات فيما إذا كان قد قُتل وهو يُحاول الهرب أو أنَّه نجح بالفرار.[٤]
القسطنطينيّة حالياً
مدينة القسطنطينيّة هي إسطنبول حالياً أكبر وأهمّ مدن تركيا الحديثة، ومدينة إسنطبول الحالية أكبر من القسطنطينيّة القديمة، بحيث أصبحت أسوار المدينة القديمة وبواباتها من ضمن الآثار التي تضمها المدينة، وتعتبر من المزارات السياحيّة، وقد طرأت تلك التوسعات على المدينة رغم انتقال العاصمة إلى أنقرة بعد إعلان الجمهورية التركية على يد محمد كمال أتاتورك، وكان ذلك في عام 1923 وعندها خسرت القسطنطينيّة موقعها كعاصمة للمرّة الأولى من أكثر من 1500 سنة. والمدينة منقسمة إلى قسمين بسبب وقوع مضيق البسفور في وسطها، وقد جعل هذا المدينة تأخذ مكاناً في قارتي آسيا وأوروبا في آن واحد، وهي المدينة الأكبر في دولة تركيا، إذ تبلغُ مساحة البلدة القديمة فيها وحدها حوالي 23 كيلومتراً مُربّعاً، وأما المدينةُ الحديثة فتتَّسعُ لأكثر من ذلك بكثير. وقد بُنيت مدينة إسطنبول بالأصل على سبعة جبال؛ ولذلك اشتُهرت باسم “روما الجديدة”.[٥]
وتتميز مدينة إسنطبول بمناخ مُعتدل وجاذب للزوار من كافة أنحاء العالم، وهناك العديد من المعالم الأثريّة والتاريخيّة التي تجذب الزوار فيها، من أهمّ هذه المعالم البوابة الذهبية، وهي بوابة بُنيت لحماية المدينة في عام 390 م بأمرٍ من الإمبراطور البيزنطي ثيودوسيوس الثاني، ولا تزالُ أجزاءٌ منها قائمة، كما تُوجد فيها بقايا قصرٍ بيزنطي يُسمّى “قصر قُسطنطين” بني في عام 1300م، وهو بناءٌ مُشيّد من الطوب وحجر الجير ويتألَّفُ من ثلاثة طوابق، وأما أهمّ الآثار الموجودة فيها فهي أطلالُ 25 كنيسة كُبرى من العصر البيزنطي، وأكبرها وأشهرها على الإطلاق هي آيا صوفيا.[٥]
المراجع
- ↑ “Before Conquest of Istanbul”, Istanbul Metropolitan Municipality,2008، Retrieved 21-11-2016.
- ^ أ ب ت Donald L. Wasson , “Constantinople”، Ancient History Encyclopedia, Retrieved 21-11-2016.
- ^ أ ب Judith Herrin, “The Fall of Constantinople”، History Today, Retrieved 21-11-2016.
- ↑ “Byzantine Empire – From 867 to the Ottoman conquest”,Britannica, Retrieved 21-11-2016.
- ^ أ ب “Istanbul”, Britannica, Retrieved 21-11-2016.