القراءة وفوائدها
يقولون أنّ القراءة غذاء الروح ومتعة العقل، وتمثّل تلك المقولة أحد أشكال التعبير عن فوائد القراءة العديدة التي لا يمكن حصرها. ولقد بدأ التاريخ الإنساني مع معرفة الإنسان للتدوين الوجه الآخر للقراءة، وتُعرف العصور التي سبقت اختراع الإنسان لرموز الكتابة وتعلمّه لقرائتها بعصور ما قبل التاريخ، أمّا منذ العصر التاريخي أصبح تعلّم القراءة يعني المعرفة والعلوم والحضارة التي يمكن من خلالها تطوير الذات والدولة والبشرية بشكل عام. إنّ أقدم الحضارات الإنسانية التي تركت آثاراً حضارية هامة أضافت إلى مجموع المعرفة البشرية التي تتطوّر بالتراكم، لذا أصبح من الضروري على كل من يريد أن يعرف أو يضيف لتلك المعرفة أن يتعلّم القراءة أولاً ذولك حتّى يستطيع أن يطّلع على مختلف الإنتاج البشري الحضاري ويستفيد منه بالشكل الكامل.
أمّا رسالة الإسلام التي أنزلها الله سبحانه على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم فكانت أولى كلماتها هي (إقرأ)، وكان للقراءة دور هام في تاريخ الإسلام منذ عصر صدر الإسلام حينما كانت ديّة الأسير عند المسلمين أن يعلّم الأميين منهم القراءة والكتابة، وكان للقراءة الدّور الفعّال في ازدهار الحضارة الإسلامية وتوسّع العلوم والمعارف الإسلامية التي انتشرت من حدود الدولة الإسلامية التي امتدت من بلاد فارس والهند حتّى الأندلس إلى جميع الدول الأوروبية التي استعانت بها في بناء نهضتها الحضاريّة والمعرفيّة.
وفي العصر الحديث والمعاصر تُعتبر الأمة التي يقرأ مواطنيها أمّة أكثر رقيّاً من غيرها، كما أنّ معرفة القراءة من أهم أدوات ومتطلبات العمل في العصر الحديث، حيث إنّ أبسط الأنشطة البشرية التي يقوم الإنسان بممارستها في نطاق العمل تتطلّب معرفة بالقراءة، ومن المعروف أنّ الدول المتأخّرة هي الدول التي تزيد فيها نسبة الأمية بين سكانها، أمّا في الدول المتقدّمة فالموضوع يختلف حيث إنّ الدول تتنافس فيما بينها على عدد المواطنين الذين يرتادون المكتبات، أو حجم القراءة وسوق الكتب ومبيعاتها في كل دولة.
ولا يمكننا الحديث عن أحد العلماء أو الأدباء أو الفلاسفة والباحثين الذين أثروا في حياة غيرهم، أو حتّى القادة الذين كانوا السبب في أحداث غيّرت مجرى التاريخ دون أن نذكر شغفهم بالقراءة وحب تطلّعهم إلى الكتب والمؤلفات، حيث إنّ المعرفة بأي أمر مهما صغر أو كبر تتطلّب القراءة، وكلّما ازدادت القراءة وكانت أكثر عُمقاً كلّما زاد فهم الإنسان للموضوع الذي يبحث فيه، وتزداد الحاجة في الوقت المعاصر إلى تنويع القراءات وجعلها أقرب للقراءات الموسوعيّة من أجل المعرفة والاطلاع بصورة أكبر