العلاج المناسب للربو عند الأطفال، علاقة الربو بالحساسية
الربو والأطفال :
ماذا لو كان طفلك مصاباً بالربو؟
هل تنتاب طفلك نوبات من السعال بشكل لافت أثناء الليل؟ هل يصدر صفيراً أثناء التنفس، أو بعد بذل جهد بدني قليل؟ في تلك الحال، يجب التحقق من أنه لا يسير في طريق الإصابة بالربو. فالعديد من الأطفال، لاسيما الرضع، يصابون بالربو من دون أن ينتبه أحد، بالتالي يفتقرون إلى العلاج المناسب، في الوقت المناسب.
الإحصاءات حول نسبة الإصابة بالربو عالمياً مرعبة، إذ إنها تشير إلى أن 10 في المئة من الأطفال مصابون بالربو. كما يتبين أن المرض يصيب الأولاد أكثر من البنات، وهذا يعني أن ثمة 10 أولاد يصابون بالربو مقابل 5 بنات صغيرات. هكذا، مثلاً، في صف من 30 تلميذاً وتلميذة، من الوارد جداً أن يكون طفلان مصابين بالربو، مقابل طفلة واحدة.
هذا طبعاً من الناحية النظرية. في الواقع، تختلف النسب. لكن، عموماً، لو طبقنا تلك الأرقام الإحصائية على صعيد العالم، لوجدنا أن عُشر الأطفال يقعون ضحايا الربو. وهناك النسبة تتزايد بشكل مطرد منذ 15 عاماً. كما تشير الإحصاءات إلى أن الربو، باعتباره المرض المزمن الأكثر شيوعاً بين الأطفال، يشكل أول أسباب الاستشارات لدى أطباء الأطفال.
هل يُجرى تشخيص الربو بشكل سليم؟
ليس دائماً. فالسعال المتكرر ليلاً وضيق النفس لا يشكلان بالضرورة علامتين أكيدتين لوجود حالة ربو، على الرغم من أنهما من أهم أماراته الواضحة، مع سماع نوع من الصفير أثناء التنفس، لاسيما عقب جهد بدني. يصر بعض الأطباء على القول إن تلك الأعراض، مادامت غير مصحوبة بحساسية ما، لا تعدُّ دليلاً على حالة الربو، مفضلين صيغاً مثل «التهاب القصبات» و«التهاب الشـُّعيبات». فالربو، بتعريفه الطبي، مرتبط عموماً بالحساسية، فضلاً عن الأعراض المذكورة. وهذا ما يفضي إلى السؤال التالي:
هل الربو والحساسية مرتبطان دائماً؟
في الحقيقة إن خُمس حالات الربو يعود لأسباب متعلقة بالتهابات فيروسية، لاسيما عند الرُّضع أو الأطفال الصغار جداً. وعادة، تبدأ بنزلة برد، تتردى فتتحول إلى التهاب رئوي مصحوب بسعال، وأحياناً نوبات ربو. أما في الأربعة أخماس الأخرى، فمن المؤكد أن الحساسية هي السبب الأساسي، وهذا ما أثبتته دراسات الحساسية. فالأطفال المعرضون للربو أكثر من غيرهم هم أولئك الذين يتضايقون من القراديات (حشرات مجهرية، لا ترى بالعين المجردة) ومن قشرة شعر الحيوانات، ووبرها.
ولاحقاً تنتابهم الحساسية أيضاً من غبار طلع النباتات (أو اللقاح). لذا، تشدد منظمات وجمعيات طب الأطفال، في توصياتها الأخيرة، على ضرورة إجراء فحوص الحساسية للأطفال الرضع ممن تنتابهم الأعراض أعلاه (سعال ليلي وانبعاث صفير أثناء التنفس وضيق النفس عقب الجهد).
هل للتلوث تأثير ما؟
على العكس مما قد يُظن، يبدو أن التلوث ليس المسؤول المباشر عن حالات الربو في حد ذاتها. لكن، من المؤكد أنه يتسبب في مفاقمة نوبات الربو لمن يعانيه أصلاً، إذ إنه يزيد تلك الأزمات من حيث التكرار ومدة كل نوبة. هكذا، في الأحوال كلها، يعد التلوث عاملاً مساعداً مزعجاً، وينبغي تفادي الأماكن الملوثة، لاسيما إذا كان المصاب رضيعاً. فمثلاً، يجلس الرُّضع على عربات الأطفال أثناء النزهة، فيكونون في مستوى عوادم السيارات، التي تنفث غازات ملوثة، يتنشقها الصغار أكثر من غيرهم، بما أنهم يجلسون على العربة قبالة أنابيب انبعاثها. إذن، ينبغي عدم تنزيه الطفل المصاب بالربو في الشوارع، إنما في الحدائق والمتنزهات، وأي مكان بعيد عن انبعاثات غازات السيارات.
ما تفسير تزايد الربو في العالم؟
بما أن التلوث، مثلما سبق أن ذكرنا، لا يبدو المسؤول الأساسي عن تفاقم حالات الربو، فما الأسباب؟ ثمة عوامل متعددة لذلك، تنبع من البيئة والمحيط، بحسب البلدان. فمثلاً، في البلاد الباردة، أدى تفضيل تغطية أرضيات غرف البيوت والشقق بالـ«طنفسة» (أو الـ«كارپت»، أو الـ«موكيت») إلى زيادة الأغبرة المسببة للحساسية، بالتالي الحساسية ثم ربو الأطفال. وهناك أيضاً التدخين، بطبيعة الحال. إلى ذلك، لا ينبغي نسيان العوامل الوراثية، ذات الأهمية الحاسمة: فاحتمال تعرض الطفل الاعتيادي للربو يبلغ 20 في المئة، بينما يصل إلى ما بين 40 و45 في المئة إذا كان أحد الوالدين مصاباً بالحساسية، وإلى ما بين 80 و90 في المئة إذا كان الوالدان كلاهما مبتليين بها.
ما العلاج المناسب؟
ينقسم العلاج إلى قسمين، يعنى أولهما بتخفيف نوبات الربو في حد ذاتها. وينصب على بخّ مواد توسع الممرات الهوائية، وتكون على شكل بخاخات أنفية. وللرضع، ربما ينصح باستخدام كمامات بخ خاصة. أما القسم الثاني من العلاج، فوقائي، وتتوقف جرعاته على حدة الربو. فمع بعض الأطفال، ممن يعانون نوبات ربو متكررة، يستلزم الأمر علاجاً جذرياً، مرتين في اليوم، بأدوية مضادة للهستامينات (الهستامين إفراز أميني يؤدي إلى توسيع الأوعية الشُّعيرية، لكنه يفضي إلى شد الأنسجة العضلية الناعمة، كتلك التي تؤلف القصيبات الهوائية والحويصلات الرئوية). كما لا يندر أن توصف أدوية «كورتيكوئيد» إنما عن طريق البخ في الفم، من دون تناول الدواء. فالبخ الفموي له الفوائد نفسها، لكن مع تحجيم الأضرار الجانبية، لاسيما في ما يخص نمو الطفل. وللنزاهة، ينبغي الاعتراف بأن علاجات الربو المختلفة، مهما كانت عالية النوعية، تؤدي إلى تخفيف العلة، إنما من دون القضاء عليها تماماً.
هل يلتزم الأطفال بالعلاج؟
لا، مع الأسف، أثبتت الدراسات أن نصفهم فقط يستخدمون بانتظام البخاخات الأنفية أو الشفهية، في المواعيد اليومية المحددة. وأحياناً، لا يجيدون استخدامها، فلا يضغطون بشكل كافٍ، وعليه لا تصل إلى الرئتين سوى كمية قليلة من الدواء، وهذا ما قد يلغي فاعليته. لذا، من الجدير التفكير في اقتناء كمامات بخ خاصة، حتى مع غير الرُّضع. فهذه الأجهزة البلاستيكية البسيطة، وغير باهظة الثمن، تتيح بخ الكمية المطلوبة من الـ«كورتيكوئيد» نحو الرئتين والجهاز التنفسي. كما ينبغي تعليم الأطفال تقنية البخ، وتذكيرهم، مثلاً بأنها يجب أن تزامن الشهيق، وأنه يجب وقف التنفس بعدها لمدة 5 إلى 10 ثوان، من أجل فاعلية قصوى.
نصائح في شأن غرفة الطفل المصاب
ينصح بعدم وضع «طنفسة» («كارپت»، أو «موكيت») على أرضية الغرفة، وتفادي الغبار عموماً. كما يجب عدم ترك حيوانات أليفة تدخلها، وطبعاً يجب منع التدخين فيها بتاتاً. كما ينبغي تهوية الغرفة يومياً، وإزالة الغبار من الأثاث والأرضية، والفرش وقاعدة السرير. كما يجب عدم اقتناء أي فرش أو وسادات محشوة بالريش. وهناك أنواع من الفرش ضد القراديات، ينصح بها.
ماذا عن الرياضة؟
سابقاً، كان يُنصح بتفادي الرياضة للأطفال المصابين بالربو. وهذا خطأ، إذ تعينهم الرياضة على تقوية التنفس. مع ذلك، يعد الغطس تحت الماء إحدى الرياضات الخطيرة للطفل المصاب. أما السباحة، فجيدة على العكس.
هل تنفع إزالة الحساسية؟
نعم. لإزالة الحساسية فائدة حاسمة، إذ إنها قد تقضي على الربو. وتنصب أولاً على تحديد المواد المسببة للحساسية (غالباً ما تكون القراديات ووبر الحيوانات وقشرتها)، ثم جعل الطفل يذيب، تحت لسانه، حبوباً تضم لقاحاً مأخوذاً من تلك المواد (بنسب ضئيلة، كأي لقاح)، مرتين في اليوم، وذلك لمدد تتراوح بين 3 و5 سنوات. هذا اللقاح، على الرغم من إزعاجاته وطول مدته، غالباً ما يقضي على الحساسية، ومعها الربو الناجم عنها.