الشعر الحر
الشعر هو من أكثر الفنون الأدبية التي يميل الناس إليها، وذلك لِما فيها من عذوبة وموسيقى الكلمات التي تكون منظومة على بحرٍ شعري أو تفعيلة شِعرية؛ تُضفي على القصيدة رونقاً مميزاً. والشعر الحر أو شعر التفعيلة؛ هو فن من فنون الشعر الحديث، لم يكن هذا النوع من الشعر موجوداً قبل بدايات القرن العشرين، ولكنه عندما بدأ لاقى أصداءاً وسعةً جداً، وكما الحال بالنسبة لشعراء الشعر العامودي؛ أصبح شعراء الشعر الحر ذوو مكانة مهمة في المجتمع؛ ويتهافت الناس عليهم ليسمعوا منهم ما جادت به بنات أفكارهم.
يختلف الشعر عن الخواطر المنمَّقة ذات السجع الجميل؛ بأنه يحتوي على موسيقى مُتمثِّلة بالوزن الشعري الذي كُتُبَ عليه، وهذا ما يجعل منه شعراً. فسُمِّيَ الشعر الحر بشعر التفعيلة لأنه يعتمد في بناء القصيدة على تفعيلة واحدة؛ تستمر من بداية القصيدة إلى نهايتها. على عكس الشعر العامودي؛ لا يُشترط في الشعر الحر أن تكون له قافية معينة تسير كل القصيدة عليها، بل يمكن أن يستعمل عدة قوافي حسب الحاجة الشعرية؛ وكذلك يمكن ألا يستعمل أي قافية على الإطلاق، ولكن هذا الأمر سيمنع القصيدة من التمتع بالموسيقى السمعية التي تميِّزُ الشعر عن باقي الفنون الأدبية. تتكون قصيدة الشعر الحر من عدة أسطُر، ويمكن أن يحتوي السطر على ما يشاء الشاعر من كلمات وبحدٍّ أدنى كلمة واحدة، فلا يوجد طولٌ معين للسطر الواحد، وهي من مميزات الشعر الحر، فعلى عكس الشعر العامودي الذي يكونُ مُلزِماً لِكاتبه بطول السطر، وألا يتجاوز طول البحر الشعري الذي يكتب عليه الشاعر.
عند كتابة قصيدة على طريقة الشعر الحر؛ يجب على الشاعر أن يكون عنده موضوعاً يكتبُ فيه، فالموضوع هو أساس القصيدة، وأن تدع الموضوع يأتي إليك هو من الخطاء الشائعة التي تجعل القصيدة تبدو كالملابس البالية المُهترِئة. ويجب أن يكون الموضوع عن شيءٍ يُحسُّ به الشاعر ويراه دائماً، فلا يكتب عن الحب وهو بدون حبيبة؛ ولا يكتب عن الفقر المُطقع في بلدٍ لم يزُرهُ قط، بل يكتب عن أمرٍ يهمُّه هو نفسه ويعيشه، فالصدق في الموضوع يُعطيه جمالاً إضافياً. اختيار التفعيلة أمرٌ مهم أيضاً، ولكن يمكن أن تبدأ قصيدتك أولاً، وترى أي التفعيلات قد أصابت، فليس من الخطأ أن تأتيك التفعيلة، بل إن هذا الأمر يجعل إكمال القصيدة أمراً سهلاً، فقريحَتُك هي التي أوحت إليك بها؛ وبالتالي ستساعدك على إتمام القصيدة. حاول أم تجعل كلمات بسيطة ومُباشِرة، تجنَّب التكلُّف في الكتابة والكلمات الصعبة التي يمكن ألا يفهمها العديد من الناس، فهذا مدعاة لهم بأن يتجاهلوا قصائدك وتفقِدَ جمهوراً مهماً. قسِّم القصيدة إلى أقسام، يكون كل قسم يتحدَّث عن جزء من الموضوع الذي تريده، اجعل لها قافية أو قوافي بسيطة غير متكلِّفة. تجنَّب الإطالة في القصيدة؛ حتى لا يشعر المُستمع أو القاريء بالملل وهو يسمعك أو يقرأ قصائدك، فحينها ستكون قصيدتك كمقالٍ طويلٍ ممل؛ ليس من الحكمة قراءته بالكامل بالنسبة له. تحلَّى بإحساس معرفة متى يجب أن تتوقف، وإن وجدت بأن القصيدة قد طالت كثيراً ولكن هذا هو الحد الطبيعي لكتابة مشاعرك؛ فيمكن أن تجعلها على جزئين أو أكثر، تكتب في كل جزءٍ ما يختلج في صدرك، وبهذه الطريقة تدفع القاريء إلى الشغف بأن يُتابع أعمالك وقراءة تتمة الموضوع؛ وتلقُّفه فور نزوله