الحفظ السريع
يُعاني كثيرٌ من الناس من ضعفِ القدرة على الحفظ بشكلٍ سريع ، أو من مشكلة عدم القدرة على الحفظ أصلاً ، ومرجع هذا إلى أنّ العقل والتفكير يكون منشغلاً بأمور كثيرة ، ومن أبرز أسباب ضياع الحفظ أو عدم القدرة على الحفظ بسهولة ، هو عدم التركيز في النصّ أو الكتاب الذي تنوي حفظ بعضه أو كلّه.
ومن الأمور التي يخلِِط بها كثيرٌ من الناس ، وليس لديهم فهمٌ واضحٌ لها ، هو أنّ هنالك فرق بين الحفظ والفهم ، وأنا أقول هنا أنّ العلاقة وثيقة جدّاً بين أن تفهم جيّداً وتستوعبَ النصّ جيّداً وبين حفظه وبسرعة ، فكلّما فهِمت الدرس أو الكتاب واستوعبته واحتويت ما بداخله ، كنت أسرع إلى حفظه ، وكان دوام ترسيخ المعلومة في ذهنك لمدّة أطول ، وكنت بذلك لا تحفظ فقط ، بل تحفظ وبسرعة ، ولمدّة تخزين أطول ، ولن أُبالغ إن قلت بأنك لن تنسى ما حَفِظتَهُ بهذه الطريقة المثلى.
وكذلك إذا أردت أن تحفظ بسهولة وبسرعة ، عليكَ أن تُبسّط النصوص وتحاول أن تَجِدَ صيغة تناسبك وأن تحفظ من خلال ألفاظك الخاصّة ، إذا كان لا يتعارض مع النصّ الأصليّ ، فصياغة الكلام حسَبَ ما تفهم أنت هو أمرٌ في غاية الجمال ما دام ذلك لا يتعارض مع النصوص التي تقتضي عدم التغيير ، فعندها نرجع ونقول لكَ أنّ عليكَ أن تفهمها جيّدا.
وحتّى تحفظ بسرعة عليك أن تنتبه لموضوع الغذاء لديك ، فالعقل السليم في الجسم السليم كما يقولون ، فحاول أن تجتنب الأغذية والأطعمة التي تحتوي كميّات عالية من الدهنيات والموادّ الضارّة والمؤكسدة ، وأن تبتعد عن الأطعمة والأشربة من مطاعم المأكولات السريعة والتي ظَهَرَ تأثيرها الصحيّ والذهنيّ بشكلٍ واضح ، وحاول أن تركّز على الخضراوات والفواكه، وعلى المأكولات البحريّة كالسمك والروبيان والجمبري وسمك التونة وهذه الأطعمة تحتوي على مواد أوميغا 3 التي تعدّ من المنشّطات الذهنيّة الجيّدة.
وحتّى يتسنّى لك الحفظ بسهولة عليك أن تتقيّد بطاعة الله عزّ وجلّ ، وتكون من المتقّين لله سبحانه وتعالى ، فإنّ الله جلّ جلاله يقول (( واتقوا الله ويعلّمكم الله )) ، فتقوى الله باب من أبواب العلم والفهم والحفظ ، فعندما تقرأ سِيَر العلماء والصالحين والدُعاة من أفذاذ الأمّة تعجَب أشدّ العجب من حالهم مع كثرة الحفظ والعلم ، ولا شكّ في ذلك لأنّ الله سبحانه وتعالى هو الذي يمنح العلم لعباده ، ولنتذكّر قصّة الإمام الشافعيّ مع أستاذه وكيع حين قال له :
شكوت إلى وكيعٍ سوء حفظي
فأرشدني إلى ترك المعاصي
وأخبرني بأنًّ العلم نورٌ
ونورُ الله لا يُهدَى لعاصي