التبول اللاإرادي للكبار أثناء النّوم
التبول اللاإرادي للكبار أثناء النّوم
يُعتبر التبوّل اللاإرادي أثناء النّوم مشكلةً تُسبّب إزعاجاً كبيراً للمُصاب ولوالديه على الرغم من وجود العديد من الدراسات التي تُؤكّد شيوع هذه المشكلة، إذ يُعاني منها حوالي 5-7 مليون طفل في الولايات المتّحدة الأمريكيّة وحدها، إلّا أنّ القليل من المصابين يقرّون بإصابتهم بها، وذلك لظنّهم أنّهم الوحيدون المُصابون بهذه الحالة.
يُعتبر الطفل قادراً على استخدام دورة المياه إذا ما تجاوز سنّ الرابعة، ويصبح بإمكانه البقاء جافّاً خلال الليل إذا ما تجاوز سنّ الخامسة، ولذلك إذا ما قام بتبليل فراشه بعد ذلك أثناء النّوم، أو في وقت أو مكان غير مناسبين لمرّتين أو أكثر خلال شهر واحد، فإنّه يُعتَبر مُصاباً بالتبوّل اللاإرادي. تحصل هذه المشكلة عند الذكور بشكل أكثر شيوعاً منها عند الإناث بمقدار ثلاثة أضعاف تقريباً، وقد يُصاب المراهقون بالتبوّل اللاإرادي أثناء النّوم كذلك، إذ تُشير إحدى الدراسات إلى إصابة حوالي 1% إلى 3% منهم بهذه المشكلة.
يجب على الأهل أخذ طفلهم للطبيب إذا ما وجدوا أنّه يُعاني من التبوّل اللاإراديّ أثناء النّوم، وذلك للوقوف على أسباب هذه المشكلة، فعلى الرغم من أنّ مُعظم أسبابها نفسيّة أو وراثيّة، إلّا أنّ هنالك أمراض عضويّة قد تُسببّ التبوّل اللاإراديّ أثناء النّوم، وبالتالي يلزم علاج هذه الأمراض. ويجب على الطبيب عندها أخذ تاريخ مرضيّ كامل من الطفل ومن ذويه، بالإضافة إلى إجراء الفحص السريريّ وفحص البول.
يوصي الأطباء عادةً بالاحتفاظ بمُذكّرة يقوم عليها الأهل بتسجيل عدد مرّات تبوّل الطفل أثناء النّهار، وكذلك الليالي التي قام بتليل فراشه فيها، فقد يساعد ذلك على معرفة العادة الإخراجيّة للطفل، وبالتالي تحديد سبب المشكلة وعلاجها. وللتبوّل اللاإراديّ أثناء النّوم أضرار نفسيّة كبيرة على الأطفال، خصوصاً الكبار منهم، فيشعرهم ذلك بالإحراج باستمرار، وقد يشعرون أنّهم غير ناضجين، ولذلك من الخطأ أن تتمّ مُعاقبتهم على ذلك، فلا فائدة ترجو من العقاب، وقد يُؤدّي ذلك إلى إصابتهم بمشاكل نفسيّة، بل يجب على الأهل إظهار الدّعم والحنان لهم، إذ ليس بقدورهم منع حدوث هذه المُشكلة
أمّا عند البالغين، فيُعتَبر التبول اللاإراديّ أثناء النوم مُشكلةً نادرة الحدوث، خصوصاً عند كبار السنّ، ولكن إذا ما وُجِدَت فإنّها تدل على الإصابة بحالات مرضيّة عدّة تكون مُختلفةً عن تلك المُسبّبة لهذه الحالة عند الأطفال، ولذلك من الضروريّ مُراجعة الطّبيب عند المُعاناة من التبوّل اللاإراديّ أثناء النوم لعلاج السبب وتلافي الإصابة بالمُضاعفات. بالإضافة إلى العوامل الوراثيّة، توجد العديد من الأسباب التي قد تُسبّب هذه الحالة، مثل التهابات المسالك البوليّة، ومرض السكريّ، ووجود حصى الكلى، وصغر حجم المثانة، وتضخّم البروستاتا، والمُعاناة من سرطان المثانة، وقد تحصل كذلك كمُضاعفات جانبيّة لبعض الأدوية أو نتيجة للقلق والتوتّر. وقد أشارت دراسة أُجرِيت سنة 2004م إلى أنّ التبوّل اللاإراديّ أثناء النوم عند كبار السنّ يحصل نتيجةً لاجتماع العديد من الأسباب السابقة، ومن النادر أن ينشأ من سبب واحد فقط، ويعتمد العلاج عندها على تحديد الأسباب الكامنة وراء حدوثه والخضوع للعلاج السليم، وبالإمكان أيضاً الاستعانة ببعض الأدوية لتخفيف هذه الحالة، مثل دواء ديسموبريسين أسيتايت، أو الأدوية المُضادّة للكولين.
أسباب التبوّل اللاإراديّ للكبار أثناء النّوم
على الرّغم من كثرة حالات الإصابة بالتبوّل اللاإرادي أثناء النّوم، إلّا أنّ سبب حدوث ذلك لم يُعرَف بشكل كامل حتّى الآن، ويَعتقد العديد من العلماء باجتماع العديد من العوامل التي تُسبّب هذه المشكلة، وتبقى الأسباب المعروفة مجرّد فرضيّات مبنيّة على العديد من الدراسات التي تُرجَّح صحتّها. أمّا أبرز هذه الأسباب فهي على النّحو الآتي:
- العوامل الوراثيّة: إذ أظهرت بعض الأبحاث أنّ التبوّل اللاإراديّ مشكلة مُتوارَثة مُرتبطة بالجينات، إذ إنّ احتمال إصابة طفل ما بالتبوّل اللاإراديّ أثناء النّوم قد تصل إلى 77% إذا ما كان أبواه مُصابَين بهذه المشكلة عندما كانوا صغاراً.
- قلّة السعة الوظيفيّة للمثانة: وتعني كميّة البول التي قد تحمله المثانة قبل إرسال إشارات إلى الدماغ لإخباره بضرورة التبوّل.
- المُعاناة من المثانة غير المستقرّة: وهي حالة مرضيّة وُجد أنّها مُرتبطة وبشكل كبير بالإصابة بالتبوّل اللاإراديّ أثناء النّوم، وكذلك أثناء النّهار، وتنتج من اضطرابات في العضلة النّافصة، وهي إحدى العضلات المُكوِّنة للمثانة.
- الإكثار من شرب السّوائل التي تُسبّب تهيّج المثانة وإدرار البول: خصوصاً قبل النّوم، وأبرز هذه المشروبات تلك المحتوية على الكافيين، مثل القهوة والشاي.
- تناول الأدوية التي تعمل على زيادة إدرار البول: مثل تلك التي تُعطَى لعلاج أمراض القلب ومرض ارتفاع ضغط الدم، وكذلك بعض الأدوية التي تُستخدم لعلاج الأمراض العقليّة والنفسيّة.
- المعاناة من التهابات المسالك البوليّة.
- المعاناة من القلق أو التوتّر: فقد يُؤدّي ذلك إلى التبوّل اللاإراديّ أثناء النّوم، إلّا أنّ هذه المشكلة غالباً ما تختفي إذا ما اختفى المُسبّب الرئيسيّ للقلق.
علاج التبوّل اللاإراديّ للكبار أثناء النّوم
يهدف علاج التبوّل اللاإردي أثناء النّوم بالمقام الأول إلى تخليص المريض من الإحراج والضّرر النفسيّ المُترتِّب عليه جرّاء هذه المشكلة. ومن الضروريّ حثّ الأهل على دعم الطفل المُصاب وعدم إشعاره بأنّه يُشكّل مصدر عبء على العائلة، وقد يستفيد البعض من مجرّد إخبارهم بأنّ العديد من الأطفال يعانون من نفس المشكلة. وبذلك، ومع تقدّمهم بالسنّ، قد تختفي هذه المشكلة تماماً دون اللجوء إلى أي إجراء علاجي.
من الضروريّ الذهاب إلى الطبيب لمعرفة سبب حدوث هذه المشكلة؛ فمنها ما يحتاج إلى إجراءات طبيّة لعلاجه، إلا أنّ هناك العديد من الطرق لعلاج التبوّل اللاإرادي، ويعتمد اختيار طريقة العلاج على العديد من العوامل؛ مثل عمر المريض، والتاريخ العائلي له، فقد يكون من الطبيعيّ أن يستمرّ بذلك حتّى عمر مُتأخّر إذا ما كان الأبوان كذلك.
يجب على الأهل بدايةً تشجيع الأطفال على التحكّم بإدرارهم للبول، بالإضافة إلى ضرورة تقليل شربهم للسوائل قبل النّوم، وكذلك حرصهم على ذهاب الطفل إلى الحمّام قبل النّوم، فإذا لم تنفع هذه الوسائل بالإمكان استخدام الأجهزة الحساسة للرطوبة، التي تعتبر أكثر طرق علاج التبول اللاإرادي نجاحاً، ويتمّ ارتداء هذه الأجهزة من قبل الطفل المصاب قبل النّوم، فإذا ما قام بالتبوّل فإنّها تعمل على إطلاق أصوات مُنبّهة للطفل عند استشعارها للرطوبة، فيستيقظ الطفل عند سماعه للمنبّه، ومع الاستخدام المتكرر لهذه الأجهزة يزداد شعور الطفل بضرورة التبوّل وبالتالي يتخلّص من هذه المشكلة.
قد يتمّ اللجوء في بعض الحالات إلى استخدام بعض الأنواع من الأدوية التي تعمل إمّا على زيادة كميّة البول التي تستطيع المثانة استيعابه، أو على تقليل كميّة البول المطروحة من الكليتين، وأبرز هذه الادوية دواء ديزومبريسين بالإضافة إلى الادوية المضادّة للاكتئاب ثلاثيّة الحلقات.