البدل, اقسام البدل , انواع البدل
الشرح
تعريف:
البدل([1]): هو التابع المقصود بالحكم بلا واسطة.
شرح التعريف:
من هذا التعريف يتضح لنا الفرق بين البدل وبقية التوابع، فالبدل مقصود بالحكم بلا واسطة، وهذا خلاف النعت وعطف البيان والتوكيد؛ لأن هذه التوابع ليست مقصودة بالحكم، وقولنا: بلا واسطة، مخرج لـ (عطف النسق) فهو وإن كان مقصودًا بالحكم، إلا أنه بواسطة هي حرف العطف.
* والبدل هو المقصود بالحكم بلا واسطة، وليس المبدل منه مقصودًا بالحكم، نحو قوله تعالى: { وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران: 97] فـ: (من) بدل بعض من كل؛ لأن المقصود من الحكم إنما هو (من استطاع السبيل)، ولم يوجبه على الناس كلهم.
قال ابن مالك:
التَّابِعُ المَقْصُودُ بِالحُكْمِ بِلَا
وَاسِطَةٍ هُوَ المُسَمَّى (بَدَلَا)
أقسام البدل:
1- البدل المطابق:
وله في كتب النحو عدة أسماء، وهي: بدل المطابقة،والبدل المطابق، ويسمى بدل الكل من الكل.
* وهو ما طابق المبدل منه في اللفظ والمعنى، أو في المعنى دون اللفظ.
– مثال البدل المطابق من اللفظ والمعنى قول الله تعالى: { اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ}[ الفاتحة: 6 – 7]. فـ: (صراط الذين أنعمت…) هو البدل، والمبدل منه: الصراط، وقد تطابقا كما ترى لفظًا ومعنى.
ومثال البدل المطابق في المعنى فقط، قول الله تعالى: { وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَا مَعَهُ أَخَاهُ هَارُونَ وَزِيرًا}[الفرقان: 35] وفي هذه الآية جاء البدل: هارون مطابقًا للمبدل منه – أخاه – في المعنى، ولكنه مخالف له في اللفظ.
وتقول: رأيت الجندي عليًّا يحمل السلاح.
رأيت
فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بتاء الفاعل، والتاء ضمير متصل مبني على الضم في محل رفع فاعل.
الجندي
مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة.
عليًّا
بدل منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة.
2- بدل الجزء من كل:
وهذا النوع كثير في الكلام، ويسمى أيضًا بدل بعض من كل.
وضابطه: أن يكون البدل جزءًا حقيقيًّا من المبدل منه، سواء أكان هذا الجزء أكبر الأجزاء أم مساويًا لها، أم أصغر منها، وذلك مثل: أكلت الرغيف ثلثه أو نصفه أو ثلثيه.
أكلت
فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بتاء الفاعل، والتاء ضمير متصل مبني على الضم
في محل رفع فاعل.
الرغيف
مفعول به منصوب، وعلامة نصبه
الفتحة الظاهرة.
ثلثه
بدل بعض من كل منصوب، وعلامة
نصبه الفتحة الظاهرة، وهو مضاف،
والهاء: ضمير مبني في محل جر مضاف إليه.
· ونحو: رأيتُ أهْلَكَ كثيرًا منهم، واعتدى الرجلان أحدهما. وخلق الله الزرافة يديها أطول من رجليها. ففي الجملة الأولى ترى (كثيرًا) بدلًا من (أهلك) وترى في الثانية (أحدهما) بدلًا من (الرجلان) وفي الثالثة (يديها) جاءت بدلًا من الزرافة، وكل بدل يعد جزءًا حقيقيًّا من المبدل منه، فهو بعض منه على سبيل الحقيقة لا المجاز.
· وفي هذه الصورة يلاحظ أن في بدل (بعض من كل) ضميرًا يعود إلى المبدل منه، وقد يكون الضمير في لفظ متعلق بالبدل كما في الجملة الأولى: رأيت أهلك كثيرًا منهم، ويسمى هذا الضمير رابطًا، وهو غالب في هذه الصورة من أساليب البدل، ولا بد أن يكون الضمير مطابقًا للمبدل في الإفراد والتثنية، والجمع، والتذكير والتأنيث.
3- بدل الاشتمال:
وهو يدل على شيء يشتمل عامله على معناه اشتمالًا بطريق الإجمال، نحو: أعجبني زيد علمه([2]).
أعجبني
أعجب: فعل ماض مبني على الفتح، والنون للوقاية حرف مبني على الكسر لا محل له من الإعراب، والياء: ضمير مبني على السكون في محل نصب مفعول به.
زيد
فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة.
علمه
بدل اشتمال مرفوع، وعلامة رفعه الضمة الظاهرة، وهو مضاف، والهاء: ضمير متصل مبني في محل جر مضاف إليه.
وهذا النوع يختلف عن بدل الجزء من كل؛ لأن البدل فيه لا يؤلف بعضًا من المبدل منه، ولكنه مما يشتمل عليه من صفات أو أحداث أو ما شاكل ذلك، تأمل هذه العبارة: ورثت أبي ماله وأخلاقه، فالمال ليس جزءًا من أبي، فلا يكون من جسده، ولكن أبي يملك المال، فهو ما يشتمل عليه، ومن هذا قوله تعالى: { يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ} [البقرة: 217].
فالقتال: بدل من الشهر، والشهر يشتمل عليه، فالشهر الحرام مشتمل على القتال.
على أنه لا يكفي أن يكون المبدل منه مشتملًا على البدل، بل لا بد من أن يصح الكلام بذكر المبدل منه وحده، فلا يجوز مثلًا أن تقول: أسرجت عبد الله فرسه؛ لأن المبدل منه لا يصح أن يسرج، ولكنه يجوز أن يقال: سرق عبد الله ثوبه، لجواز: سرق عبد الله.
* ولا بد في بدل الاشتمال من ضمير يطابق المبدل منه في الإفراد والتثنية والجمع والتذكير والتأنيث، وهذا الضمير قد يكون مذكورًا كما في الأمثلة السابقة، أو مقدرًا كما في قول الله تعالى:{ قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ} [ البروج: 4 – 5 ]، والتقدير: النار فيه، فحذف الضمير الرابط.
4- البدل المباين للمبدل منه:
وهو نوع من أساليب البدل يتغاير فيه طرفا الإبدال، ويصدر عن حالات نفسية نحو: السهو، أو الغفلة، أو تغيير الرأي، وقد يكون زلة لسان وهو نفسه ثلاثة أنواع:
أ- بدل الغلط([3]): أي: بدل سببه الغلط؛ لأنه بدل عن اللفظ الذي هو غلط لا أنه نفسه غلط.
وهو ما لم يكن مقصودًا البتة، ولكن سبق إليه اللسان غلطًا.
وهو ما صدر عن زلة لسان، مثل قولك: فتح خالد بن الوليد مصر الشام.
فقد سبق لسانك ذهنك فذكرت مصر، ثم صححت الخطأ اللساني فقلت: الشام، ومن ذلك قولك: يعتمد المصريون على مياه الفرات النيل، ونحو: استخدم الْفُرْسُ الفِيَلَة في معركة اليرموك القادسية.
استخدم
فعل ماض مبني على الفتح.
الفُرْسُ
فاعل مرفوع وعلامة رفعه
الضمة الظاهرة.
الفيلة
مفعول به منصوب وعلامة نصبه
الفتحة الظاهرة.
في معركة
في: حرف جر، معركة: اسم مجرور
بعد (في) وعلامة جره الكسرة الظاهرة.
اليرموك
مضاف إليه مجرور وعلامة الجر
الكسرة الظاهرة.
القادسية
بدل غلط مجرور وعلامة الجر
الكسرة الظاهرة.
ب- بدل النسيان:
وهذا النوع يصدر عن السهو، أو الغفلة في الجنان، فبعد أن يطلق المتكلم الرأي تنبَّه إلى حقيقة فيذكرها، مثل قولك: أقمت هنا سنتين، ثلاث سنوات، ونحو: أخذت هذا الكتاب من مكتبة أبي عمي.
ففي المثال الأول: ذكر المتكلم أنه أقام سنتين، ثم تبين له أنه نسي وأقام ثلاثًا، فعدل إلى الثلاث، وكذا في المثال الثاني: ذكر المتكلم أنه أخذ الكتاب من مكتبة أبيه، ولكنه تبين أنه نسي فذكر أنه أخذ الكتاب من مكتبة عمه.
* والفرق بين بدل الغلط وبدل النسيان أن بدل النسيان يكون من العقل أو الغفلة، وبدل الغلط يكون من اللسان.
جـ – بدل الإضراب:
وهو ما يصدر عن تغيير الرأي والتوجه إلى رأي آخر، كأن تقول: هذا معجم عظيم موسوعة، فبعد أن قلت (معجم) غيرت رأيك لأنك وجدت (المعجم) لا يفي في التعبير عما في نفسك من إكبار له، فأضربت وتوجهت إلى معنى أوسع، فذكرت أنه موسوعة([4]).
هذا
اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ.
معجم
خبر مرفوع، وعلامة رفعه الضمة الظاهرة.
عظيم
نعت مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة.
موسوعة
بدل مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة.
ملحوظة:
إذا جاء بعد اسم الإشارة اسم مبدوء بالألف واللام أعرب بدلًا.
قال ابن مالك:
مطَابِقًا أَوْ بَعْضًا اوْ مَا يَشْتَمِلْ عَلَيْهِ يُلْفَى أَوْ كَمَعْطُوفٍ بِبَلْ([5])
وَذَا لَلِاضْرَابِ اعْزُ إِنْ قَصْدًا صَحِب وَدُونَ قَصْدٍ غَلَطٌ بِهِ سُلِبْ
كـ (زُرْهُ) خَالِدًا، وَقَبِّلْهُ الْيَدَا وَاعْرِفْهُ حَقَّهُ، وَخُذْ نَبْلًا مُدَى([6])
الخلاصة:
البدل: هو التابع المقصود بالحكم بلا واسطة