الاحتلال الفرنسي للجزائر
احتلال فرنسا للجزائر
كانت الجزائر واحدة من الولايات التي تتبع الإمبراطورية العثمانيّة، إلا أنّ هذه الإمبراطوريّة العظيمة وصلت في آخر عهدها إلى مرحلة من الضعف، حيث أصبحت غير قادرةٍ على الدفاع عن الولايات العربية التابعة لها، ممّا جعل الولايات التي تبعد عن مركز الإمبراطوريّة محطّ أطماعٍ للكثير من الدول الأوروبيّة، خاصةً وأنّ الدول الأوروبية كانت تعاني الكثير من المشاكل الداخليّة خاصةً الاقتصادية.
دوافع الاستعمار الفرنسي للجزائر
توجد أسباب كثيرة دفعت فرنسا إلى احتلال الجزائر، ولكن السبب المباشر كان حادثةً ما يُعرف بحادثة “المروحة” إذ حاول الداي الجزائري ضرب القنصل الفرنسيّ أثناء زيارة الأخير له للتهنئة في مناسبة العيد، وسبب غضب الداي هو رفع القنصل الفرنسيّ صوته على الداي إثر مطالبته له بسداد الدين عن بلاده، فقد كانت تُصدّر الدولة العثمانيّة القمح إلى فرنسا، فطلبت فرنسا من الداي الاعتذارعن هذه الإهانة، إلا أنّ الحاكم الجزائري رفض الاعتذار، الأمر الذي أغضب فرنسا ففرضت حصاراً بحريّاً على الجزائر استمر من عام 1827 وحتى عام 1930، إذ دخلت الجيوش الفرنسيّة واحتلت الولايات الجزائريّة.
لم يكن هذا هو السبب الوحيد بل كانت هناك أسباب ودوافع أخرى أهمّها:
- الدوافع السياسيّة: لقد عاشت الجزائر في رخاءٍ أثناء الحكم التركيّ للبلاد، إلا أنّ ذلك لم يدم طويلاً، فبعد أن ضعفت الإمبراطوريّة العثمانية برزت مطامع الدول الأوروبيّة في المنطقة، فقد كانت فرنسا تتنافس مع بريطانيا وبسيطرتها على الجزائر تُحقق هذه الغاية، وتُهيّئ لعلاقاتٍ فرنسيّةٍ مع روسيا.
- دوافع عسكريّة: خاضت فرنسا حرباً مع بريطانيا انهزمت بها الجيوش الفرنسيّة أمام الجيوش البريطانيّة عند محاولتها احتلال مصرفٍ عام 1801 مما دفع نابليون إلى البحث عن طريقة تسمح له بإقامة محميّات في الشمال الإفريقي لمواجهة التوسع البريطاني في المنطقة، فكان احتلال الجزائر واحداً من هذه الخيارات.
- الدوافع الاقتصاديّة: الأراضي الجزائرية غنية بمواردها الطبيعيّة وخاصةً الذهب، فكانت فرنسا خاصةً رجال المال منهم يبحثون عن الثروة بأي شكلٍ كان، واحتلال أرض الجزائر يمكّنهم من استغلال مناجم الذهب الموجودة فيه، كما أنّ فرنسا كانت تطمع في الاستيلاء على خزنة المال الجزائريّ، لاعتقادها بأنّها تحتوي على ملايين الفرنكات، والبعض الآخر يطمع بالاستيلاء على الأراضي الخصبة في الجزائر لزراعة العنب.
- الدوافع الدينيّة: كانت الجزائر تملك أسطولاً بحريّاً قوياً قادراً على حماية السواحل في شمال إفريقيا، وكانت الدولة العثمانيّة تحرص على التعاون مع الجزائر للاستفادة من قوة الأسطول الجزائريّ في حماية بلاد المسلمين، فتوجّهت أنظار الدول الأوروبيّة لضرب القوة الجزائرية من أجل إضعاف الدولة العثمانيّة، وكانت فرنسا تعتبر نفسها المدافع الأوّل عن الكرسي البابوي في العالم المسيحيّ.