أدعية لتسهيل الولادة
أدعية لتسهيل الولادة
يعدّ القرآن الكريم كاملاً شفاءً، وعلاجاً، ووقايةً، قال سبحانه وتعالى:” وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ “، الاسراء/822، وهذا فيما يخصّ القرآن عامّةً، وبعض القرآن له خصائص في العلاج وغيره، قال السيوطي في الإتقان:” وغالب ما يذكر في ذلك كان مستنده تجارب الصّالحين “، ثمّ قال:” وأخرج البيهقي في الدّعوات عن ابن عباس موقوفاً.. عدّة آيات تسهّل الولادة على من عسرت عليها، كما روى الإمام أحمد عن أبي كعب مرفوعاً أنّ الآية رقم 54 ” إنّ ربّكم الله “، في سورة الأعراف من الآيات التي يرقى بها من به مس.. “، وذكر ابن القيم:” أنّ الآيات الأولى من سورة الانشقاق تسهّل الولادة إذا كتبت ومحيت بماء تشربه الحامل وترشّ به “، وبالتالي يمكن للحامل أن تقرأ سورة الانشقاق وآية ” إنّ ربّكم الله.. “، وغير ذلك من القرآن الكريم طلباً للشفاء، والتبرّك، وتيسير الأمر. (1)
ويمكن للمرأة أن تدعو بما أرادت قبل أن تلد أو أثناء ولادتها، أو بعدها، بما يناسب حالها، ولا يوجد أدعية مخصّصة لهذه الحالة، ولا يوجد أي دليل قطعي يثبت أنّ ساعة الولادة هي ساعة استجابة، إلا في حال تعسّرت ولادة المرآة، وبذلك تكون مضطرّةً، ودعاء المضطرّ مستجاب، وذلك لقوله سبحانه وتعالى:” أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ “، النمل/62.
وممّا ورد عن السّلف ممّا ييسّر أمر الولادة، ما قاله ابن القيّم رحمه الله تعالى في كتاب الطب، ونصّه:” قال الخلال حدثني عبد الله بن أحمد قال: رأيت أبي – أحمد بن حنبل – يكتب للمرأة إذا عسر عليها ولادتها في جام أبيض أو شيء نظيف، يكتب حديث ابن عباس رضي الله عنهما:” لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله ربّ العرش العظيم، الحمد لله ربّ العالمين، كأنّهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشيّةً أو ضحاها، كأنّهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعةً من نهار بلاغ، فهل يهلك إلا القوم الفاسقون “، قال الخلال: أنبأنا أبو بكر المروزي أن أبا عبد الله جاءه رجل فقال: يا أبا عبد الله تكتب لامرأة قد عسر عليها ولدها منذ يومين؟ فقال له: يجيء بجام واسع وزعفران، ورأيته يكتب لغير واحد، ويذكر عن عكرمة عن ابن عباس قال: مرّ عيسى عليه السّلام على بقرة، وقد اعترض ولدها في بطنها، فقالت: يا كلمة الله، ادع الله أن يخلصني مما أنا فيه، فقال: يا خلاق النّفس من النّفس، ويا مخلص النّفس من النّفس، ويا مخرج النّفس من النّفس، خلصها. قال: فرمت بولدها، فإذا هي قائمة تشمّه، قال: فإذا عسر على المرأة ولدها، فاكتبه “.
وقد رخّص جماعة من السّلف في كتابة بعض القرآن وشربه، وجعل ذلك في الشّفاء الذي جعل الله فيه، وقال ابن القيّم:” كتاب آخر لذلك يكتب في إناء نظيف:” إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ * وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ * وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ * وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ “، وتشرب منه الحامل، ويرشّ على بطنها “.
ولا يوجد أدلة على أحاديث مخصّصة للولادة، وإنّما ييسّر ذلك عموم الدّعاء، وذلك كما فعل زكريا فاستجاب الله له دعاءه، ووهب له يحيى على كبر، قال الله تعالى:” وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ “، الأنبياء/89-90. (2)
مواطن إجابة الدعاء
إنّ للدعاء مواطناً يستجيب الله سبحانه وتعالى فيها للداع إن شاء، ومنها: (3)
- الدّعاء أثناء السّجود، فقد أخرج مسلم وأصحاب السّنن أنّ رسول الله – صلّى الله عليه وسلّم – قال:” ألا وإنّي نهيت أن أقرأ القرآن راكعاً أو ساجداً، فأمّا الركوع فعظموا فيه الرّب عزّ وجل، وأمّا السّجود فاجتهدوا في الدّعاء، فَقَمِنُُ أن يستجاب لكم “.
- الدّعاء في ساعة الاستجابة من يوم الجمعة، ففي الصّحيحين وغيرهما من حديث أبي هريرة، أنّ رسول الله – صلّى الله عليه وسلّم – ذكر يوم الجمعة فقال:” فيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم وهو قائم يصلي يسأل الله تعالى شيئاً إلا أعطاه إيّاه، وأشار بيده يقللها “.
- الدّعاء في الثّلث الأخير من الليل، فقد أخرج مسلم وأصحاب السّنن أنّ رسول الله – صلّى الله عليه وسلّم – قال:” إذا مضى شطر الليل أو ثلثاه ينزل الله تبارك وتعالى إلى السّماء الدّنيا فيقول: هل من سائل يُعطى، هل من داع يُستجاب له، هل من مستغفر يُغفر له، حتى ينفجر الصّبح “.
شروط إجابة الدعاء
هناك شروط يجب أن تتوافر في الدّعاء ليستجيب الله سبحانه وتعالى للعبد، منها: (4)
- أن يدعو المسلم الله سبحانه وتعالى لا شريك له، بأسمائه الحسنى وصفاته العلى بصدق وإخلاص، لأنّ الدّعاء يعدّ عبادةً، قال الله سبحانه وتعالى:” وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ“، غافر/60، وفي الحديث القدسي:” من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري تركته وشركه “، رواه مسلم.
- أن لا يدعو المسلم دعاءً فيه إثم أو قطيعة رحم، لما رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:” يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم، ما لم يستعجل، قيل: يا رسول الله ما الاستعجال؟ قال: يقول: قد دعوت، وقد دعوت، فلم أر يستجاب لي، فيستحسر عند ذلك ويدع الدّعاء “.
- أن يدعو المسلم ربّه بقلب حاضر، وأن يكون على يقين من الإجابة، وذلك لما رواه الترمذي والحاكم وحسّنه الألباني، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:” ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أنّ الله لا يستجيب دعاءً من قلب غافل لاه “.
شروط الدعاء
إنّ للدعاء شروطاً لا بدّ من القيام بها، وهي: (5)
- أن يخلص المسلم في دعائه، وهذا يعني أن يقوم بتصفية الدّعاء، والعمل كذلك من كلّ أمر يشوبه، وأن يصرف ذلك كله لله وحده سبحانه وتعالى، بدون أيّ رياء، أو سمعة، ولا تصنّع، وإنّما يرجو الثّواب من الله عزّ وجلّ وحده.
- أن يقوم بمتابعة الدّعاء، وهذا شروط يجب أن يتوافر في جميع العبادات، وذلك لقوله سبحانه وتعالى:” قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا “، الكهف/1100.
- أن يثق بالله عزّ وجلّ، وأن يكون على يقين بأنّ دعاءه سيكون مستجاباً، وأنّ الله سبحانه وتعالى قادر على كلّ شيء، قال سبحانه وتعالى:” إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ “، النحل/44.
- أن يكون قلبه حاضراً، وأن يخشع في الدّعاء، وأن يرغب فيما عند الله عزّ وجلّ من الثّواب، ويرهب ما عنده من عقاب، فقد أثنى الله تعالى على زكريا وأهل بيته، فقال تعالى:” وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ “، الأنبياء/89-900.
المراجع
(1) بتصرّف عن فتوى رقم 61803/ آيات تقرأ لتسهيل الولادة/ 8-5-2005/ مركز الفتوى/ إسلام ويب/ islamweb.net
(2) بتصرّف عن فتوى رقم 13605/ ساعة الولادة وما يقال فيها/ 19-1-2002/ مركز الفتوى/ إسلام ويب/ islamweb.net
(3) بتصرّف عن فتوى رقم 32655/ من الدعاء المستجاب/ 28-5-2003/ مركز الفتوى/ إسلام ويب/ islamweb.net
(4) بتصرّف عن فتوى رقم 11571/ شروط إجابة الدعاء/ 22-11-2001/ مركز الفتوى/ إسلام ويب/ islamweb.net
(5) بتصرّف عن كتاب شروط الدعاء وموانع الإجابة في ضوء الكتاب والسنة/ د. سعيد بن وهف القحطاني/ مطبعة سفير- الرياض.