أبو زيد الهلالي
إننا عندما نتحدث عن أبو زيد الهلالي فإننا نتحدث عن السيرة الأكثر شعبية ” السيرة الهلالية ” أو ” سيرة بني هلال “وإن السيرة الهلالية هي نفسها السيرة الذاتية لأبي زيد الهلالي ، والتي هي واحدة من أبرز السير الشعبية، وهي ملحمة طويلة تغطي مرحلة تاريخية كبيرة في حياة بني هلال ، والمعروفة باسم ” سيرة بني هلال ” ، و تبدأ جذورها في سيرة الزير سالم جد الهلالية ، ثم تمتد إلى ترحال بني هلال وخروجهم إلى تونس.
أبو زيد الهلالي هو محارب ينتمي إلى قبيلة بني هلال ، وقيل انه هو واحد من رجال الإسلام الذين دافعوا عن النبي في غزوة تبوك فاستحق عظيم الثناء ، و فاز وذريته بفخر البطولة والتكريم وشرف الفروسية ، لتمتد الحفاوة به وبنسله من بعده ، إنه فارس بني هلال المغوار عامر بن هلال بن حامي الهلالي .
وهذه السيرة هي الأقرب إلى ذاكرة الناس، و الأكثر رسوخا ، والتي تتكون من ما يقرب من مليون بيت من الشعر ، وفيها تتفرد المخيلة الشعبية بطابع شمولي وبطولي وتبين الأحداث والوقائع وكبار الشخصيات فيها بأسلوب سلس وبسيط ومبدع . وإن القصص المتفرعة من السيرة الهلالية عديدة ومن تلك القصص مثلا : قصة الأمير أبو زيد الهلالي ، و قصص أخته شيحة المشهورة من خلال المكر و الاحتيال ، و سيرة الأمير دياب بن غانم الهلالي ، و قصة زهرة و مرعي .
ولو أنك سرت على الأقدام متنقلا في الأرياف لوجدت هذه السيرة من أهم مصادر الثقافة الشعبية في القرى و المناطق الريفية في الدول العربية ، مع الأخذ بعين الاعتبار ارتفاع معدل الأمية ، وربما دور الحكواتي ساعد على انتشار هذا النوع من القصص الشعبية .إن هذه السيرة غنية في الشخصيات والأحداث و المواقف ، والتي تعطي الأدب الشعبي طابع خاص يمثل الحياة الاجتماعية و الفكرية التي كان يمر بها العرب في تلك الفترة الزمنية .
وتتضمن السيرة الهلالية خمسة كتب ، الكتاب الأول هو ” خضرة الشريفة “، الذي يتناول مأساة رزق بن نايل بن عامر بن هلال زعيم الهلاليين ،والذي تعجب خضرة به لما يمتاز به من خلال رائعه وحسن خلق وشهامة على الرغم من أن فارق السن بينهما كان كبيرا فقد كان يبلغ عمره 45 عاما ..
أما الكتاب الثاني فهو ” أبو زيد في أرض العلامات “، وفيه تعيش خضرة خمسة سنوات تحت رعاية الملك فاضل ، وفي هذا الكتاب تتم رواية ما حدث لأبي زيد في البلاد ، والذي حصل عليه من عظيم شأو ومركز وعلو مجد ..
أما في الكتاب الثالث ، ” وفاة السلطان سرحان ” ففيه يتقنع أبو زيد في ملابس شاعر ربابة ويدخل قصر حنظل وهي أعرف نساء بني هلال في المعرفة والعلم والحقيقة ، واكتشاف ابنة السلطان حنظل هذه لحقيقة فارس هلال ، وعندها تبلغ والدها ، الذي يلقي القبض عليه ، و يقيده بالسلاسل و يرمي به في السجن في انتظار أن يعدم. أما الكتاب الرابع ، ” فرس جابر العقيلي ” ففيه تتم رواية كيف قاتل أبو زيد الهلالي الفرس وبطولاته في جهادهم التي تناقلتها الأجيال ، وفي الكتاب أيضا تتم رواية كيف يحتال الدرويش لدخول جناح الأميرة ليعمل لها الحجب والتعاويذ ولكي يقرأ الحظ لها.
أخيراً ، الكتاب الخامس ، وعنوانه “أبو زيد و عالية ” ويتناول حياة عالية ، وكيف دعت للقبض على أبو زيد ، ويصف ما تمتعت به من الجمال ، وكيف أنها كانت تصارع من اجل تصفية أبا زيد الهلالي ، وفيه تفاصيل العشاء الشهير والمأدبة التي والدها السلطان جابر العقيلي لأبي زيد ومرافقيه ، واحتياله لكي يستولي على فرسه بعد أن وضع في الطعام مخدرا قويا لينام الحراس ، لكن أبو زيد ينتبه لهذا الأمر ويتمكن من ركوب فرسه والفرار خارج المدينة .
و تحكي السيرة الهلالية أيضا عن تجربة إنسانية عظيمة البطولة لقبائل نجد المقاتلة دفاعا عن قيم الأمة وشرفها ، و كما هي عادة الملاحم ، فإنها تستنهض الهمم بتذكير الأمة بأمجادها العسكرية ، و بطولات القادة الذين ولدوا على أراضيها وحازوا المجد في السلم والحرب ، ولكن السيرة في التراث الشعبي للأمة دائما يتم تفسيرها بطريقة فنية وخيالية في كثير من الأحيان لدغدغة مشاعر البسطاء فيها لإرضاء أحلامهم وطموحاتهم وأمانيهم .