القسم الادبي

عبارات عن المطر , اشعر عن المطر , خواطر عن صوت المطر , تغريدات عن الامطار

أنا أعشق الشتاء دون الصيف…

أعشق الشتاء… لأنّه عندما يسقط المطر تزال الأصباغ عن الوجوه فيعود كل شيء لأصله دون خداع أو تصنّع !أعشق الشتاء… لأنّ المطر دائماً يشعرني بالطمأنينة فهناك رب لن يضيّعنا !أعشق الشتاء… لأنّ دفء مشاعر تلك الصديقة ينتقل إلى كفيّ عند مصافحتها فيدفئني !أعشق الشتاء… لأنّ تلك القوة التي تجعلك تتخلص من أغطيتك الدافئة في جنح الليل لتتحمل برودة المياه – تشعرني بدفء حب الله !أعشق الشتاء… لأنّ احتساء شرابٍ دافئ في ليلة صقيع وسط أناس يحبوك وتحبهم كافٍ لأن يملأ الأرض دفئاً !أعشق الشتاء… لأنّه دائماً يذكرني بأنّ من فقد الله وفقد الحب… مسكين !أعشق الشتاء… لأنّ فيه فقط أستمتع بجمال البحر وجمال مدينتي بعد نزوح (المصيّفين)! يا بياض الثلج يا طهر السحاب… يا عيون الطير يا عنق الظبي… يا حروف الحب في وسط الكتاب… يا كتاب ما تعدا مكتبي… يا سؤال ٍ ما لقيناله جواب… يا جواب كل ماله يصعبي… يا سعادة تمحي أيام العذاب… يا عذاب ٍ له عيوني تطربي… يا غدير الشوق بعيون السراب… يا سراب ٍ من يضمه يشربي… يا حضورٍ يملي الدنيا غياب… يا غياب ٍ يسبي افكاري سبي… يا حبيبي جاك مرسول العتاب… من خفوقٍ عاف كل أهل العبي… غيبتك بكت عيونٍ ما تهاب… من قريب القوم ولا الاجنبي.
عجبا لقلبٍ من بياضك لونه… لكنّه بالثلج لا يتجمّد… إحساسه برد السعادة واللظى… شوق لحسنك بالجوى يتوقّد… ينساب من ضرع الغمام كأنه… لبن. ويحلبه السحاب الأسود… والأرض بعد فطامها عادت إلى… صدر الشتاء صغيرةً تتودّد… تلقاه في فرحٍ. وليس كزائرٍ… بل عاشقٍ في حضنها يتوسّد… فتذيبه نار الحنين وتزدهي… أرض المحبة بالثلوج وتسعد… (من غير طعمٍ) ترتوي أشجارها… وثمارها بمذاقه تتعدّد…
هذا هو الثلج من عليائه نزلا… لولا تواضع هذا الثلج ما هطلا… وهاهي الأرض في أبهى مفاتنها… تزينت كعروسٍ وارتدت حللاً… والطير يمرح في الأجواء مبتهجاً… وقام يشدو بهذا العرس محتفلاً… وكلّ غصنٍ تثنّى خصرة طرباً… من نشوة الرقص حتّى خلته ثملاً… وإن نظرت إلى الأشجار تحسبها… عرائساً ما رأت عين لها مثلاً… وحيث تنظر فالآفاق قد لبست… ثوب النّقاء، ولن ترضى له بدلاً… حتّى كأنّ سهول الأرض قد عدّلت… عن لونها نحو لونٍ يبعث الأملا… وأينما سرت فالأرجاء من بجعٍ… ولو دنوت قليلاً ربّما جفلاً… والثلج في الارض كالدّيباج منبسط… فكيف تمشي على الدّيباج منتعلاً؟
هذا هو الثلج ما أبهى نصاعته… وما أحيلاه عمّ السّهل والجبلا… والبرد يحلو إذا ما الثلج جاء به… لولاه ماكان هذا البرد محتملاً… وكم سعدنا به، إذ راح محتضناً… وجه الطبيعة، واستحلى به القبلا… وحسبنا أنّنا ذقنا حلاوته… وحيثما حلّ متّعنا به المقلا… وكم لهونا به، والأرض ضاحكة… واللّهو بالثلج لم يترك بنا خجلاً… وكم ضربنا به، والكلّ مبتهج… والضرب، إلاّ بهذا الثلج ما قبلاً.
هذا هو الثلج وافانا بطلعته… وجاء بالخير حتّى أغلق السّبلا… وجاء يحمل ما يحيا الموات به… بشراك يا أرضنا الظّمأى بما حملاً… حتّى القرائح أحياها بمقدمة… فجاء بالوحي والإلهام إذ هطلاً… وكلّ ندفة ثلجٍ لامست هدبي… وددت لو أنّني أسمعتها غزلاً… وكم نودّ لو أنّ الثلج بادلنا… حبّاً بحبٍّ، وبعد اليوم ما رحلا… فليته دام هذا الثلج واغتسلت… به القلوب، ولم يترك بها عللاً.
لا عاشقان… يتذكّران… قلبي على قمر… تحجّر في مكان… ويقال… كان… وأنا على الإسفلت… تحت الريح والأمطار… مطعون الجنان… لا تفتح الأبواب في وجهي… ولا تمتد نحو يدي يدان… عيني على قمر الشتاء…
لم يحن الوقت بعد للفراق… فما زال لدينا وقت… للأخذ والعطاء… فلو امتليء قلبي عتاباً وحزناً… فلن يطغى على قلبي شوقاً وحباً… فإني أغرق بحب ما حولي… كغرق العشب تحت قطرات المطر… فيختفي الغبار من حولها وتغدوا ناعمه براقه… كضوء الشمس وسط غيوم السماء.

زر الذهاب إلى الأعلى