الاخبار

في اليم مكتوفا

%name في اليم مكتوفا

كتبت مقالا قبل اربعة سنوات بعنوان (اشتري تذكرة يا سعادة الوالي ) ..طالبت فبه والي الخرطوم حينذاك بالاستعداد المبكر للخريف ..بدلا من انتظاره ثم محاولة معالجة الكوارث ..وطفقت طوال الأعوام التي تليه اعيد نشر المقال ..ذلك ان الخريف يمشي ويجي فينا ..و(يلقانا نحن يانا نحن..وانا الصابر على المحنة ) ..كنت على وشك اعادة نشر المقال للمرة الخامسة ..عندما تذكرت طرفة لصديقة عزيزة ..كنا نتحدث عن متاعب تربية الأطفال ..وكانت هي لم تتزوج بعد ..قالت لنا ضاحكة (والله بعدين ..انا اولادي ديل بس افكهم في البيت ..ما أشتغل بيهم الشغلة ..يقعوا ويقوموا ..عضمهم بيقوى وبيتعلموا ..ربنا قال ان الانسان على نفسه بصيرا)..اذكر اننا ضحكنا من فكرتها ..وتراهنا انها ستكون اكثر حرصا على اولادها منا جميعا ..وقد كان.

خطرت لي فكرتها الان ..وقلت في نفسي ربما حكومة الولاية ارادت تطبيق قاعدة الانسان على نفسه بصيرا ..لذلك درجت كل عام على ان (تفكنا كدا ) نقع ونقوم في الشوارع ..ونعود الى منازلنا في ضهرنا الخبوب والطين …!! ربما كان مقصدها حسنا ..ما هو لازم نحسن الظن ولا شنو ياجماعة ؟ ..وبالفعل انا شخصيا حفظت كل الحفر و(البالوعات) غير المغطاة ..كذلك اصبحت خبيرة في الانتظار لاوقات طويلة لان هناك طرق يتم اغلاقها (فجاة ) ..ولا يتم ايجاد حلول او منافذ اخرى ..تفتكروا ليه ؟ ما هو لازم نقع ونقوم ..لان الانسان على نفسه بصيرا

ولأن الشئ بالشئ يذكر ..فان فكرة صديقتي العبقرية ..تطبقها الولاية على شوارع رئيسية مثل الشارع الدائري بشرق النيل ..شارع مهم ويمثل مدخلا مهما للولاية …تمر به شاحنات وناقلات ضخمة ..هذا الشارع ليست به الا اشارتي مرور فقط ..فيما عدا ذلك ..المرور خلال الشارع على مسؤولية صاحبه ..والعجب العجاب لو كان قدرك ان تقود ليلا فيه ..انها ظلمات ثلاث ..ان اخرجت يدك لم تكد تراها ..المفروض تعتمد على اضواء السيارات المقابلة ..وهي بدورها (ما بتقصر) ..تفعل ما بوسعها ..والباقي معروف ..هذه الايام لا يكاد يخلو يوم من حادث مروري مأساوي يودي بحياة عدد من الأفراد ..نقرأ نعيهم ونترحم عليهم ..ولا نتوقف لنتساءل ..هل كان من الممكن تفادي الأمر ..او التقليل من خطورته ؟ لا طبعا لازم نقع ونقوم ..والانسان على نفسه بصير؟

القاعدة اعلاه يبدو ان الحكومة اتخذتها عامة .. ..انظر معي لموضوع السيولة ..ذهبت اليوم لسحب مبلغ من المال ..رفض موظف البنك قائلا ..ان سقف السحب لا يتعدى ثلاثة ألف ..قلت له يا ابنى انا عندي اقساط مدارس وجامعات ..قال ان الامر ليس بيده ..طيب بيد من ؟ بنك السودان قال انه لم يعلن اي سقف للسحب ..هز كتفيه ومط شفتيه ولم ينبس ببنت شفة ..في تلك اللحظة ..خطرت لي فكرة صديقتي ..اهو نقع ونقوم والمفروض نتصرف ..برانا ..قروشك ليست تحت تصرفك ..لا سحب من البنوك ..لا توجد صرافات تعمل وعليك ان تلف اليوم كله لتجد نقودا …حالنا كما يقول الشاعر (القاه في اليم مكتوفا ..وقال له ..اياك ..اياك ان تبتل بالماء )

ان كان ثمة شئ نود قوله في نهاية الامر ..ان التعب قد بلغ منا مبلغا ..واكبر دليل علي ذلك هذا المقال .الذي كنت اود الحديث فيه عن استعدادات الخريف ..فتشعب في اتجاهات كثيرة ما انزل الله بها من سلطان ..دخلت بي (حمد) الخريف ..وخرجت بي (خوجلي )الفكرة العبقرية لصديقتي ….لقد هرمنا ..فعلا .والله جد

زر الذهاب إلى الأعلى