الاخبار

كلية العلوم الرياضية جامعة الخرطوم.. تعليق الدراسة إلى مَتَى؟!

%name كلية العلوم الرياضية جامعة الخرطوم.. تعليق الدراسة إلى مَتَى؟!

“محمد” طالب بالفرقة الثالثة بكلية العلوم الرياضية جامعة الخرطوم كان يُسابق الزمن وصولاً إلى (منصَّة) التخريج ومن ثم مُساعدة أسرته التي طال انتظارها وهي تترقّب تخرجه كي يسهم في (ميزان المصروفات) المُرهق جداً خُصُوصاً بعد الضغوط الاقتصادية التي لم يسلم منها (بيتٌ سودانيٌّ)، تلك ناحية.. أمّا الأخرى فحتى مصاريف الدراسة نفسها ورسومها كانا يمثلان هاجساً له كغيره من الطلاب.. لكن يبدو أنّ الرياح أتت بما لا تشتهي سفن “محمد” وزملائه بالكلية بعد أن أصدرت إدارة الجامعة قراراً علَّقت بمُوجبه الدراسة، وأطاحت بآمال الطلاب والأُسر معاً..!

طيلة الدهر

في فبراير الماضي، دفع طلاب كلية العلوم الرياضية بجامعة الخرطوم بمطالب وصفوها بـ(العادلة) والأساسية وهي تحسين البيئة، عدم إلحاق أيِّ ضرر أكاديمي بالطلاب المُعتقلين، صيانة الكافتيريا الخاصة بالكلية وتغيِير الحرس الجامعي.
ويقول الطالب “محمد” – نحتفظ ببقية اسمه حسب طلبه – لـ (السوداني): نحن كطلاب نفّذنا اعتصاماً سلمياً جداً وفي غاية الأدب والتحضُّر لمدة ثلاثة أسابيع ولم يصب الكلية أيِّ ضرر أو تخريب.. “محمد” يُؤكِّد أنّ قرار تغيير الحرس الجامعي أصبح ضرورة قُصوى لأنّه لم يَتَحَلّ بأدنى صفات الاحترام ووصل بهم الأمر إلى مُضايقة الطلاب وتهديدهم بالضرب، بل ظلّ يُمارس تحرُّشاً لفظياً ضد الطالبات.. وعندما تمادوا في هذا المسلك قُمنا كطلاب برفع شكوى لإدارة الكلية ولم تعالج المُشكلة! لذلك مازلنا مُتمسِّكين بقراراتنا حتى لو استمر تعليق الدراسة طيلة الدهر.

خرق مواثيق!

يقول مُفوِّض الطلاب وعضو لجنة المطالب بكلية العلوم الرياضية لـ (السوداني)، إنّ اللجنة المُكوّنة هدفت لرفع الأمر لإدارة الجامعة لفحصها ومعالجتها.
أحد الطلاب تحدث الينا – مُشدِّداً على حجب اسمه – قائلاً: إنّ أصل الحكاية في بداية العام 2018م تَمّ اعتقال ثلاثة طلاب من زملائنا بالكلية من قِبل السُّلطات الأمنية دون توضيح الأسباب، مُشيراً الى أنّ طلاب الكلية قاموا بتكوين لجنة لمُناقشة الأمر نسبةً لقُرب فترة امتحانات الكلية والأضرار المترتبة على المُعتقلين إذا لم يجلسوا للامتحانات، ومن ضمن مَطالب اللجنة أنّها أوصت بعدم وقوع أيِّ ضررٍ أكاديمي للطلاب المُعتقلين.. ثانياً: تحسين البيئة الجامعية وصيانة الكافتيريا.. ثالثاً تغيير الحرس الجامعي لما بَدَرَ منه من مُضايقات للطلاب وتهديدهم بالضرب أيام الاعتصام، ومُضايقة الطالبات بعبارات خادشة للحياة (تحرش لفظي)، ونوهّ العضو أنّ تواجد الشرطة عند مدخل البوابة به خطورة على الطلاب ويؤدي إلى عدم الاستقرار الأكاديمي لأنهم هدّدوا الطلاب بالضرب، وأصاب الطالبات وابل التحرش اللفظي! وفيما يتعلّق بمطلب تحسين البيئة الجامعية وصيانة الكافتيريا، يقول إنّ أسعار الكافتيريا فوق طاقة الطلاب وتفوق أسعار الكافتيريات الموجودة بـ (السوق العربي)! وعرج بحديثه قائلاً إن البيئة الجامعية مُتردية، حيث لا تُوجد مساحات ظل، كما لا تُوجد قاعات مفتوحة للطلاب، وإن مبردات المياه تم جلبها للطلاب بعد حوارات مطولة مع إدارة الكلية، وأكد مفوض اللجنة أنّ تأخير الطلاب لعامٍ كاملٍ تضرر منه جميع الطلاب، وهناك بعض من الطلاب شهدت فترة دراستهم إغلاق الجامعة ثلاث مرات، فهم ضحايا هذا التّعليق وينعكس ذلك على الأُسر، لأنّ هناك خريجين ضاعت عنهم العديد من الفرص، فمنهم طلاب ينوون السفر إلى خارج السودان لتخفيف الحمل عن أُسرهم، ويوجد طلاب بصدد التقديم للالتحاق بمُؤسّسات الدولة العسكرية نسبةً لصغر سنهم وأنّ فرصهم أوسع من نظرائهم خريجي السنوات الماضية، وطالب مفوض اللجنة إدارة الجامعة بأنّ إدارة الكلية آثرت نسف الاستقرار الأكاديمي وأغلقت قنوات الحوار وعلّقت الدراسة لأسبابٍ غير موضوعية، وأوضح أنّ تواجد الشرطة بجامعة الخرطوم هو خرقٌ لعدة مواثيق دولية، خَاصّةً ميثاق كمبالا عام 1990م الذي نَصّ على مدنية المؤسسات التعليمية، وتخوّف المصدر من أن التواجد الشُرطي والإغلاق المُتكرِّر للجامعة قد يسهم من تدني مستوى الجامعة وتصنيفها عالمياً.!

مَطالب تعسفيّة

لكن في الاتجاه المُعاكس تماماً لما سبق من حديث، قالت مُوظّفة بكلية العلوم الرياضية جامعة الخرطوم في حديثها لـ (السوداني)، إنّ الطلاب هم أُس المُشكلة وتعقيدها ووصولها مع الإدارة لطريقٍ مسدودٍ، وأضافت المُوظّفة أنّ كل ما تستجيب إدارة الكُلية لمطلب من مطالبهم يأتون بآخر يصعب علينا تقبلهِ، وحسب قولها إنّ مطالب الطلاب وصلت مرحل (التعسفية)، مُؤكِّدةً أنّ الطلاب أضربوا عن دخول قاعات الدراسة لمدة ثلاثة أسابيع وباءت كل مُحاولاتنا بالفشل لاحتواء الموقف وعدم تصعيد المُشكلة وحَلِّها بالتراضي، مُشيرةً إلى أنّه بعد أن استعصى على إدارة الكُلية تدارك الموقف أصدر مُدير الجامعة قراراً بإغلاق الكلية لأجل غير مُسمّى حتى يرجع الطلاب إلى رُشدهم، وردت على سؤالي حول الضرر الذي يُصيب الطلاب وأُسرهم من تأخيرهم عاماً دراسياً؟ أجابت أن الأمر بيد مُدير الجامعة وهو المسؤول الأول عن إصدار القرارات.. المُوظّفة توقعت أن تتراجع الكلية عن قرارها واستئناف الدراسة في ديسمبر المُقبل بعد بداية العام الدراسي للطلاب الجُدد المقبولين هذا العام.
نفيٌّ قاطــعٌ
من ناحيته، نفى أحد أفراد الشرطة ممن يقومون بمهام حراسة الكلية؛ نفى قيامهم بأيِّ مضايقات تجاه الطلاب من خلال الضرب والتهديد، ورد على سؤالي حول تعرُّض الطالبات للتحرش اللفظي من قبلهم!! قال: نحن نقوم بمهام الحراسة والتأمين للطلاب، أي أننا نحرسهم من الشرور كَافّة! وبالتالي لا يُمكن أن نخوِّفهم! واختتم حديثه بأن هذا الاتهام سوف يضُر الحرس ويُقلِّل من مهامه تجاه الطلاب، كما ينعكس على دَور الشرطة في حفظ الأمن والاستقرار بالجامعات.

إدارة الجامعة تلوذ بالصمت!!

وللاستماع إلى جميع الأطراف للوصول إلى أصل المُشكلة وكيفية مُعالجتها، كان لا بُدّ لنا من قرع باب عميد كلية العلوم الرياضية، بعد أبلغته سكرتيرته الخاصة بأنني صحفي بجريدة (السوداني) قال لها بالحرف الواحد لا يُمكنني مُقابلته، وحسب قولها إنّه لا يود الدخول في هذه المشكلة أو التصريح فيها بأيِّ شيءٍ، انتظرت بمكتب السكرتارية حتى بعد صلاة الظُهر لم يستجب لطلبي وظلَ يردِّد عبارة (خليهو يمشي إدارة الجامعة)! وبعد أن باءت كل مُحاولات مُقابلتهِ بالفشل، ذهبت إلى إدارة الشؤون العلمية بالجامعة لمُقابلة الأمين العام للشؤون العلمية د. سمير شاهين، الذي أخبرتني سكرتيرته بأنّه في ورشة ولا يُمكن مُقابلته، بعدها ذهبت لمكتب مُدير الجامعة وهو المسؤول الأول، وعند وصولي وجدت في الاستقبال شخصين تبادلا الأسئلة الاستنكارية مَن أنت وإلى أين ذاهبٌ؟ وبعد أنّ عرفتهما بشخصي وجِهة عملي والغرض من دخولي الإدارة، طلب أحد جالسي الاستقبال بطاقتي وصعد إلى الطابق الأول على أن يتم صُعودي بعد مُوافقتهم المبدئية! ولكن سُرعان ما أتى وكان رده بأن السكرتارية والمدير غير موجودين، وأخبرني أحد المُوظّفين بالإدارة بأن مدير الجامعة ذهب إلى أكاديمية الأمن لحُضُور توقيع اتفاقية فُرقاء الجنوب.. بعدها ترجّلت نحو الصحيفة بلا رد من إدارات الجامعة المُختلفة..!

شأنٌ داخليٌّ

أخيراً… ذهبنا إلى وزارة التعليم العالي، ومن داخل المكاتب تَحَدّث إلينا مصدر بإدارة الإعلام قائلاً لـ (السوداني)، إنّ تعليق الدراسة بكلية العلوم الرياضية جامعة الخرطوم شأنٌ داخليٌّ ليس من اختصاص الوزارة التدخل فيه، إلا إذا طُلب منها ذلك وهذا ما لم يحدث حتى الآن، عليه فلا نستطيع أن نقول لإدارة كلية العلوم الرياضية بجامعة الخرطوم أو غيرها افتحوا الكلية أو اغلقوها..!

تحقيق: اليسع أحمد

الخرطوم (صحيفة السوداني)

زر الذهاب إلى الأعلى