الأمومة والطفولة

داء غوشيه , علاج داء غوشيه

ما هو داء غوشيه

داء غوشيه (Gaucher’s disease)
داء غوشيه (Gaucher’s disease) هو مرض من امراض الاختزان الوراثية (صبغي جسدي متنح – Autosomal recessive) ينشا نتيجة لخلل في عمل الانزيم في الجسيم اليحلولي (Lysosmal enzyme) المسمى غلوكوسيريبروزيد (glucocerebrosidase) والذي يسبب تراكم مادة الغلوكوسيريبروزيد في الخلايا الوحيدة البلاعم (monocyte – macrophage). وتبعا لذلك, فان الاعضاء الاساسية التي تصاب بالضرر هي: الطحال, الكبد والنخاع العظمي.
ازداد الاهتمام العالمي بداء غوشيه اثر ظهور علاج انزيمي ناجع، لكن باهظ التكلفة، في العام 1991. عمليا, يرى الكثير بداء غوشيه مرضيا نموذجيا لمعالجة امراض اخرى من امراض الاختزان في الجسيمات اليحلولية (lysosomal enzymopathy)، كما يعتبرونه اختبارا ومحكا للطرق التي تواجه فيها الاجهزة الصحية التكاليف الاستثنائية وغير الاعتيادية لبعض العلاجات الحديثة.
وقد سمي المرض بهذا الاسم نسبة الى طالب جامعي في كلية الطب وصف، في العام 1882، نتائج تشريح لجثة شابة في الـ 32 من عمرها اصيبت بتضخم في الطحال مع ارتشاح (Infiltration) ملحوظ من الخلايا العملاقة (gaint cells filtration). وقد تم فهم عملية اختزان الدهون بعد خمسين سنة من ذلك. وفقط في العام 1965 تم اكتشاف النقص الوراثي في انزيم الغلوكوسيريبروزيد كمسبب لداء غوشيه. وقد شقت عملية استنساخ الصبغي (gene cloning)، التي جرت في منتصف الثمانينيات من القرن الماضي، الطريق امام عصر علم الوراثة الجزيئي (الوراثيات الجزيئية – Molecular genetics), طورت قدرات التشخيص (وخاصة لدى حاملي المرض)، فتحت افقا جديدا للبحث العلمي وشكلت حجر الاساس للطرق العلاجية المستقبلية بواسطة زراعة الجينات.
يظهر داء غوشيه في ثلاثة اشكال:

النوع الاول (Type I)- (يعرف بـ “نوع البالغين” او الشكل المزمن غير العصبي): يتميز بعدم تاثر الجهاز العصبي. هذا هو الشكل الاكثر شيوعا لداء غوشيه. يتراوح انتشاره ما بين 1:500,00 حتى 1:1000,000. هنالك تنوع واسع في الاعراض السريرية (النمط الظاهري – phenotype) التي تتراوح ما بين وضع خال من الاعراض تماما وحتى الاعاقة البالغة بسبب اصابة العديد من اجهزة الجسم.

النوع الثاني (Type II)- (“النوع الطفولي”، او الشكل العصبي الحاد): يتميز بتاثر الجهاز العصبي بشكل بالغ والموت بسن مبكرة، من سن ايام معدودة وحتى سن السنتين.

النوع الثالث (Type III)- (نوع مرحلة الصبا، او النوع العصبي دون الحاد – subacute): يتميز بتاثر الجهاز العصبي بشكل اكثر اعتدالا، مع بقاء المصابين على قيد الحياة, دون علاج, حتى سن المراهقة.
وقد تم، حتى الان, وصف اكثر من 250 طفرة (mutation) مختلفة في صبغي الغلوكوسيريبروزيد (glucocerebrosidase gene), لكن القدرة على التنبؤ بالاصابة بمرض غوشيه على اساس الخلل الوراثي محدودة جدا. ومع ذلك، فان العديد من المشاهدات (observations) تساعد في الاستشارة الوراثية وفي تحديد التوقعات بشان سير المرض (prognosis).
يظهر لدى المصاب النموذجي بداء غوشيه طحال متضخم او نقص في صفيحات الدم (thrombocytopenia)، اذ يتم اكتشافهما صدفة في اطار فحص الميل للنزف, مثل النزف من الانف, البقع الزرقاء او النزف حاد بعد قلع سن او بعد عملية جراحية. يجب الانتباه، خلال الفحص، الى تضخم الكبد, واحيانا, عند الاطفال، الى تاخر في نمو القامة.
المصابون بحالة صعبة من داء غوشيه قد يصابون، ايضا، بنوبات الم حاد في العظام (Bone crises) وفي وقت لاحق قد يكونون عرضة للاصابة بكسور مرضية او بنخر انعدام الاوعية (avascular necrosis) في المفاصل الكبيرة (وخاصة في مفاصل الفخذين). اصابة الرئتين نادرة وتظهر لدى المصابين باصعب درجة من المرض. ولا يؤثر داء غوشيه على طول العمر.

تشخيص داء غوشيه

تشخيص داء غوشيه
يعتمد التشخيص على فحص الدم الذي يبين نشاطا متدنيا للانزيم بيتا غلوكوزيداز (beta – glucosidase) (يحبذ ايضا اجراء فحص لوجود طفرات على مستوى الحامض النووي – DNA), وليست هنالك حاجة الى سحب نقي العظم (Bone Marrow) لاظهار خلايا غوشية المميزة للمرض.
بالامكان فحص الانزيم، ايضا، في السائل السلوي (Amniotic fluid) او عن طريق فحص الزغابات المشيمائية (Chorionic villus sampling). في فحوصات المختبر الاخرى يمكن ان يظهر، احيانا، ارتفاع في مقاييس الالتهاب, وكذلك في واسمات / علامات مميزة، مثل كيتوتريوزيداز (chitotriosidase).
علاج داء غوشيه

علاج داء غوشيه
يعتمد العلاج الاساسي لداء غوشيه على تسريب (infusion) انزيم غلوكوسيريبروزيد في الوريد، مما يؤدي الى تصغير الطحال والكبد, سعيا الى تحسين معطيات الدم والمقاييس البيوكيميائية المختلفة والى تخفيف الالم في العظام. عندما يعطى العلاج للاولاد, يؤدي الى نمو في القامة ويمنع المضاعفات المتعلقة بالعظام، والتي ادت الى المراضة الاساسية في السابق. الاعراض الجانبية نادرة وخفيفة نسبيا. عند 10% من المصابين يتم انتاج اضداد / اجسام مضادة (Antibodies) لا تؤدي الى ابطال مفعول الانزيم وتختفي بعد سنة.
لم تعد ثمة حاجة، اليوم، الى ازالة (استئصال) الطحال, بينما تساعد جراحة العظام (orthopedic surgery)، وخاصة استبدال المفاصل، لدى المرضى الذين اصيبوا بمضاعفات المرض قبل العلاج بواسطة الانزيم. السلبيات الاساسية للعلاج تتمثل في ظاهرة التعلق بالتسريب الوريدي (IV infusion)، التكلفة الباهظة وعدم قدرة العلاج على الوصول الى الدماغ لمنع التدهور في الجهاز العصبي, وخاصة في النوع العصبي من المرض.
هنالك، اليوم، طريقة حديثة للعلاج عن طريق الفم، بواسطة جزيئات صغيرة تعيق انتاج الغلوكوسيريبروزيد (الدواء الاولي من هذا نوع تمت المصادقه على تسويقه في اوروبا في نوفمبر 2002), يمكنه ان يؤثر ايضا على النوع العصبي من المرض, وعلى امراض اختزان اخرى. في المستقبل البعيد, قد يكون بامكان زراعة الجينات او تطوير وتحسين تقنيات زراعة خلايا الجذعية (stem cells)، ان تحقق ليس التخفيف من اعراض المرض فقط، بل ان تحقق الشفاء التام منه، ايضا

زر الذهاب إلى الأعلى