اقوال وحكم

حكم وعبر روعة

لحمد لله والصّلاة والسّلام على رسول الله صلى الله عليه وسلّم خير البريّة، أمّا بعد ، فقد تكرّم الله علينا بخروج الحكم من أفواه الأنبياء والصّالحين فهذا كان دابهم يلهمهم الله الصواب في القول والعمل لتظهر بعدها لنا الحكم جلية وواضحة، فهيّا ياأخي الكريم لنغوص في هذا البحر ونستخرج منه اللؤلؤ والمرجان.

يقول سيّدنا الخضر عليه السلام (كن بسّاماً ولا تكن ضحّاكاً، لا تكن لجاجاً ولا تمشي بلا حاجة ولا تعب عن الخطائين خطاياهم وإبكي على خطاياك)

كان سيّدنا زين العابدين إذا أراد أن يصلّي وجهه يصفّر خوفاً من الله، ويقول أحد السّلف إذا أردت أن تعرف مقامك عند الله فأنظر أين أقامك، ويقول إبن تيميّة رحمه الله إنّ القلب ليرقص طرباً بذكر الله، ويقول أيضاً الشكر هو الحافظ للنعم الحالية الجالب للنعم المستقبلية، ويقول أحد السّلف ذكر الله هو مصنع الإيمان.

يقول سيّدنا علي رضي الله عنه:

1-(سأصبر حتّى يعجز الصّبر عن صبري، سأصبر حتّى ينظر الرحمن في أمري، سأصبر حتّى يعلم الصّبر أني صبرت على شيءٍ أمرّ من الصّبر)

2- ألبس أخاك على عيوبه، وأستر وغطّ على ذنوبه.

3- إذا أقبلت الدّنيا على أحد أعارته محاسن غيره، وإذا أدبرت عنه سلبته محاسن نفسه.

4- إستغنِ عمّن شئت تكن نظيره، وإحتج إلى من شئت تكن أسيره، وأحسن إلى من شئت تكن أميره.

5- ثلاث تُورث ثلاثاً: النّشاط يورث الغنى، والكسل يورث الفقر، والشّراهة تورث المرض.

6- قيمة المرء ما يحسنه.

7- يغطي عيوب المرء كثرة ماله، يصدق فيما قال وهو كذوب.

8- صديقك من صَدَقَكَ لا من صَدَّقَك.

9- أعجز النّاس من عجز عن إكتساب الإخوان، وأعجز منه من ضيع من ظفر به منهم.

10- الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا.

11- ليس اليتيم من مات والده … إن اليتيم يتيم العلم والأدب.

12- ليس البليّة في أيامنا عجباً … بل السّلامة فيها أعجب العجب.

13- إن الفتى من يقول ها أنا ذا … ليس الفتى من يقول كان أبي.

14- إياك ومصادقة الأحمق، فإنه يريد أن ينفعك فيضرك.

15- خالطوا النّاس بألسنتكم وأجسادكم، وزايلوهم بأعمالكم وقلوبكم.

16- البخل عار، والجبن منقصة، والمُقِلُّ غريب في بلدته، والعجز آفة، والصّبر شجاعة، والزّهد ثروة.

17- إذا قدرت على عدوّك فإجعل العفو عنه شكراً للقدرة عليه.

18- صديقك من نهاك وعدوّك من أغراك.

19- أذلُّ النّاس معتذر إلى اللئيم.

20- الفقر في الوطن غربة، والغنى في الغربة وطن.

21- من أفضل البرّ: الجود في العسر، والصّدق في الغضب، والعفو عند المقدرة.

22- أسوأ النّاس حالاً من لا يثق بأحد لسوء ظنّه، ولا يثق به أحد لسوء أثره.

23- من كان همّه ما يدخل جوفه كانت قيمته ما يخرج منه.

24- إذا غشَك صديقك فإجعله مع عدوك.

25- لسان العاقل وراء قلبه، وقلب الأحمق وراء لسانه.

26- أشدُّ من البلاء شماتة الأعداء.

27- من كَثُرَ مزاحه لم يسلم من إستخفافٍ به أو حقدٍ عليه.

28- من عَظَّم صغار المصائب إبتلاه الله بكبارها.

29- إحذروا صولة الكريم إذا جاع، واللئيم إذا شبع.

30- من هوان الدنيا على الله أنه لا يُعصى إلا فيها ولا يُنال ما عنده إلا بتركها.

31- العفاف زينة الفقر، والشّكر زينة الغنى.

32- إن كان لا بد من العصبية، فليكن تعصبكم لمكارم الأخلاق ومحامد الأفعال.

33- من لم يثق لم يوثق به.

34- لأن يكون الحر عبداً لعبيده خير من أن يكون عبداً لشهواته.

35- اِسْتَشِر عدوّك مرة لتعلم مقدار عداوته.

36- الصّبر صبران: صبر على ما تكره، وصبر عمّا تحب.

37- فقد الأحبة غربة.

38- لا تنظر إلى من قال، وأنظر إلى ما قال.

39- النّاس من خوف الذُّل في ذُّل.

40- إذا وضعت أحداً فوق قدره فتوقّع منه أن يضعك دون قدرك.

41- إصبر قليلاً فبعد العسر تيسير … وكلُّ أمر له وقتٌ وتدبير.

42- 1- أضْرِبْ بعْضَ الرّأْيِ بِبَعْضٍ يَتَوَلَّدْ مِنْهُ الصَّوَابُ.

حكم لقمان المأثورة:

يا بني ! أرج الله رجاءً لا تأمن فيه مكره، وخاف الله مخافة لا تيأس بها رحمته. يا بني ! أكثر من قول: رب إغفر لي، فإنّ لله ساعة لا يُردُّ فيها سائل. يا بني ! إنّ العمل لا يستطاع إلا باليقين، ومن يضعف يقينه يضعف عمله. يا بني ! إذا جاءك الشيطان من قبل الشّك والرّيبة فأغلبه باليقين، وإذا جاءك من قبل السآمة فأغلبه بذكر القبر والقيامة، وإذا جاءك من قبل الرغبة والرهبة فأخبره أنّ الدنيا مفارقةُ متروكة. يا بني ! إتخذ تقوى الله تجارةً، يأتيك الرّبح من غير بضاعة. يا بني ! إيّاك والكذب، فإنّه شهي كلحم العصفور، عمّا قليل يقلي صاحبه. يا بني ! لا تأكل شبعاً على شبع، فإنك إن تلقه للكلب خيرٌ من أن تأكله. يا بني ! لا تكن حلواً فتبلع، ولا مراً فتلفظ. يا بني ! لا تؤخّر التوبة فأنّ الموت يأتي بغتة. يا بني ! إتق الله، ولا تُر الناس أنك تخشى الله ليكرموك بذلك وقلبك فاجر. يا بني ! ما ندمت على الصمت قط، وإن كان الكلام من الفضّة كان السكوت من الذهب. يا بني ! إعتزل الشّر كما يعتزلك، فإنّ الشر للشر خلق. يا بني ! ليكن لك علوّ الهمّة في طلب الجنة والعزم للشهادة في سبيل الله. يا بني ! إختر المجالس على عينك، فإذا رأيت المجلس يُذكرُ الله عز وجل فيه فإجلس معهم، فإنك إن تكُ عالماً ينفعك علمك وإن تك عييًّا يعلموك، وإن يطلع الله عز وجل إليهم برحمة تصبك معهم. يا بني ! إنصب رايتك راية الحق ورباطك في سبيل الله خير من خير في الدنيا. يا بني ! أنزل نفسك منزلة من لا حاجة له بك ولا بدَّ لك منه. يا بني ! إن الحكمة أجلست المساكين مجالس الملوك. يا بني ! جالس العلماء وزاحمهم بركبتك، فإن الله ليحيي القلوب الميّتة بنور الحكمة كما يحيي الأرض الميتة بوابل السماء. يا بني ! إمتنع مما يخرج من فيك، فإنّ ما سكتَّ سالم وإنما ينبغي لك من القول ما ينفعك. يا بني ! إنّك منذ نزلت إلى الدنيا إستدبرتها وإستقبلت الأخرى، فدارٌ أنت إليها تسير أقرب من دارٍ أنت عنها تباعد. يا بني ! إياك والدَّين، فإنه ذلُّ النهار همّ الليل. يا بني ! لا يأكل طعامك إلا الأتقياء، وشاور في أمرك الحكماء. يا بني ! من كذب ذهب ماء وجهه، ومن ساء خلقه كثر غمه. يا بني ! نقل الصخور من مواضعها أيسر من إفهام من لا يفهم. يا بني ! إعلم بأنّ الجهاد ذروة سنام الإسلام.

وأول ما ظهر من حكمته: أنّه كان مع سيّده، فدخل سيّده الخلاء فأطال الجلوس، فناداه لقمان: إنّ طول الجلوس على الحاجة تنجع منه الكبد، ويورث الباسور، ويصعد الحرارة إلى الرأس، فإقعد هوينا وقم، فخرج سيّده وكتب حكمته على باب الخلاء، وقيل: كان سيّده يقامر، وكان على بابه نهر جارٍ، فلعب يوماً بالنّرد على أنّ من قمر صاحبه شرب الماء الذي في النّهر كلّه أو إفتدى منه! فقمر سيّد لقمان، فقال له القامر: إشرب ما في النّهر وإلا فإفتد منه! قال: فسلني الفداء؟ قال: عينيك أفقأهما أو جميع ما تملك؟ قال: أمهلني يومي هذا، قال: لك ذلك.

فأمسى كئيباً حزيناً، إذ جاءه لقمان وقد حمل حزمة حطب على ظهره فسلّم على سيّده ثم وضع ما معه ورجع إلى سيّده، وكان سيّده إذا رآه عبث به فيسمع منه الكلمة الحكيمة فيعجب منه، فلمّا جلس إليه قال لسيّده: ما لي أراك كئيباً حزيناً؟ فأعرض عنه فقال له الثّانية مثل ذلك، فأعرض عنه ثمّ قال له الثّالثة مثل ذلك فأعرض عنه، فقال له: أخبرني فلعلّ لك عندي فرجاً؟ فقص عليه القصة، فقال له لقمان: لا تغتم فإن لك عندي فرجاً، قال: وما هو؟ قال: إذا أتاك الرّجل فقال لك إشرب ما في النّهر، فقل له أشرب ما بين ضفتي النّهر أو المد؟ فإنه سيقول لك إشرب ما بين الضّفتين، فإذا قال لك ذلك فقل له إحبس عني المد حتّى أشرب ما بين الضفتين، فإنّه لا يستطيع أن يحبس عنك المد، وتكون قد خرجت مما ضمنت له، فعرف سيّده أنه قد صدق فطابت نفسه، فأعتقه.

ومن حكمته كما روى إبن جرير حدّثنا إبن وَكِيع، حدّثنا أبي، عن أبي الأشهب، عن خالد الرَّبَعِيّ قال: كان لقمان عبداً حبشياً نجاراً، فقال له مولاه: إذبح لنا هذه الشاة فذبحها، فقال: أخْرجْ أطيب مُضغتين فيها، فأخرج اللّسان والقلب، فمكث ما شاء الله ثمّ قال: إذبح لنا هذه الشاة فذبحها، فقال: أخرج أخبث مضغتين فيها، فأخرج اللّسان والقلب، فقال له مولاه: أمرتك أن تخرج أطيب مضغتين فيها فأخرجتهما، وأمرتك أن تخرج أخبث مضغتين فيها فأخرجتهما، فقال لقمان: إنّه ليس من شيء أطيب منهما إذا طابا، ولا أخبث منهما إذا خَبُثا.

وفي النهاية، تبسّم يا أخي فإن الله ماأخذ منك إلا ليعطيك وما إبتلاك إلا إنّه أحبك وما أبكاك إلا ليضحكك وما حرمك إلا ليتقضل عليك.

زر الذهاب إلى الأعلى