الاخبار

حكاية أديس (1)

%name حكاية أديس (1)

> ومدهش أن الأجواء وما فيها من أخرس وناطق كلها أشياء تشهد للسودان
> الشهادة يقرأها المثقف والأمي وكل أحد
> وصباح الأربعاء الأخيرة إثيوبيا تصدر (أو جهة فيها تصدر) بياناً تتهم فيه السودان بتهريب أسلحة وإرهابيين إليها.
> ومساء الأربعاء نرسل حديثاً وحيثيات كاملة عن أن السودان لا يفعلها.. ونطلب من إثيوبيا أن تنتبه لشيء يدبر ضدها
> ونهار الخميس مهندس السد يقتل هناك
> ولا نبوءة ولا كشف غيب هو ما يجعلنا نسارع مساء الأربعاء ونستبدل مقالاً كان في المطبعة بالمقال الذي يقرأه الناس صباح الخميس.. بل قراءة للأجواء التي تصنع حدثاً مثل اغتيال المهندس
> وأجواء مثلها هي ما يمتد الآن فوق المنطقة بكاملها.. ويتحدث في فصاحة
> و لا شيء أكثر فصاحة من جثة (سمانو بك الين) مدير السد القتيل الأسبوع الماضي
> وما لن تقوله مخابرات إثيوبيا أبداً هو إنها قرأت وفهمت..
> ومشهد المهندس الين الذي يميل برأسه إلى اليمين قليلاً و(كاب) بلون الكاكاو على رأسه كان شيئاً تنظر إليه المخابرات الإثيوبية وهناك تجد.. حكاية السد.. وتجد حكاية اغتيال تقع عام 1983 وأخرى عام 1996.. والمخابرات الإثيوبية تجد زحاماً هائلاً من الأحداث.
> و..
> لكن أبرز ما تجده المخابرات هو (حشد الأخطاء المقصودة التي ارتكبها من قتلوا السيد الين.. والتي ليست أخطاء على الإطلاق.. بل كانت شيئاً كل ما فيه يصنع عن عمد وبدقة)
> وبعض الأخطاء الدقيقة كان هو
> الجسم البشري حين يصاب بالرصاص فإن الدم (يسيل)
> والجسم البشري حين يصاب بالرصاص في الرأس فإن الدم ينفجر
> والسيد الين كان جانب وجهه الأيسر يسيل عليه خيط من الدم.. ودماء تسيل في العربة
> بينما لا (رذاذ) من الدماء هناك.. مما يعني أن الرجل قُتل في مكان آخر ثم نُقل إلى هناك
> و (نُقل إلى هناك) يصبح لها معنى حين تجد المخابرات أن نقل الرجل إلى هناك ( إلى الميدان ذاته الذي حدثت فيه محاولة تفجير آبي أحمد الشهر الأسبق) يجعل من الميدان جملة كاملة
> والمخابرات الإثيوبية تعرف أن من يطلق الرصاص على رأسه لا يبقى المسدس في يده.. بينما القتيل الين كانت يده ترقد على المقعد وبها مسدس
> ولعل المخابرات تفهم أن الخطأ هنا هو رسالة مقصودة من الجهة التي صنعت الجريمة
> وملف مخابرات المنطقة يجد أن السياسي الإريتري (الإثيوبي عثمان عجيب كان يقتل بالأسلوب ذاته)
> عثمان كان بعثياً يُستقبل في بغداد وكأنه رئيس.. وفي الخرطوم كان يقيم في منزل أمام فندق سفاري
> ثم عبد الله داود يقتل بالأسلوب ذاته
> والأسلوب يصبح (توقيعاً)
> والجهة التي تقتل (الين) ترسل شيكاً عليه التوقيع هذا بالذات حين تقتل (الين)
> ومحطة تلفزيونية تقدم مساء الإثنين الماضي فيلماً عن مذبحة جنوب أفريقيا التي تقع في 26/7/1976.. وثلاثمائة طفل تقتلهم الشرطة هناك
> لكن محطة تلفزيون ذكية لعلها تقدم فيلماً معيناً لهتشكوك (المخرج الأمريكي الشهير) لرسم الصورة الدقيقة لحادثة الاغتيال في ميدان الصليب الأسبوع الماضي
> وفي فيلم هيتشكوك المتفرج يظل جالساً في استرخاء تام يشاهد هيتشكوك مدير مصنع السيارات وهو يصحب كاري جرانت وهما يشهدان مراحل تجميع السيارات
> والمشاهد والكاميرا كلاهما لا يغفل لحظة واحدة عن عملية تجميع السيارة.. حتى مرحلة صب الوقود في الخزان
> وكاري جرانت يفتح الباب ليركب
> ومن هناك.. تسقط جثة!!
> ويبدأ بالطبع البحث عن (كيف قُتل القتيل تحت العيون كلها دون أن يراه أحد)
> والمحطة التلفزيونية تُحسن صنعاً إن هي قدمت مشهد مدير سد النهضة.. ثم مشهد رأسه المتكئ على مقعد السيارة وقلم أبيض في جيبه.
> وألف سؤال مقصود
> أسئلة تزدحم حوله
> أسئلة
> لكن الإجابة لا يمكن الوصول إليها إلا بعد رسم مائة مشهد لكل ما يجري الآن ما بين شركة موانئ دبي ولقاء ترامب والعرب أمس الأول.. وتقارير / تباعد .. إريتريا إثيوبيا.. وزيارة رئيس الصومال أمس لأسمرا العدو لعشرين سنة..
وإلا بعد قراءة زحام من الأحاديث يتحدث عن فساد مالي ينبت حول السد.. وإلا وإلا
> وحرب اليمن وما يُدبر الآن من بقاء أو انسحاب عربي و.. هي جزء من المشهد
> ومدهش أن رأس المثلث في الأحداث هذه الآن.. الرأس المستهدف.. هو
: السودان
> ونستعير كاميرا هتشكوك
> ونركم المشاهد ثم نشرحها واحدة واحدة
> ما بين شعب صحراء المغرب وحتى شعب صحراء اليمن.. والصحاري هذه كلها أمطارها المسمومة تصب في السودان
> نعتذر للألغاز لكن الهوامش نستقبلها الأيام القادمة.

زر الذهاب إلى الأعلى