التعليمي

تعريب الثائر , ما هو الثائر الحق , ما قيل عن الثائر الحر

نشحذُ المَواقِف والكَلِمات حَول موضوع تعبير عن الثائر الحق، والذِي يَهُم الطلاب والتلاميذ تارة، وتارة أخرى يهم الباقي والكُل من الأفراد البَاحثين عن معتركات هذا الأمر، في ذلك نَجِد أنّه قَد تَحدّث العُلماء الأجلّاء عَن مَفهُوم الثائر الحق في المجتمع الصالح معرفا إياه بأنه من يثور ضد الفساد ثم يهدأ ليبني الأمجاد، ويتطرقون من خلال تفسيرهم الرائع البسيط عن آفة هَذا الثائر التي عبروا عنها فِي أنها: يَظلّ ثائرا لا يهدأ، وكلما قدمت له شيء طلب شيئا آخر، وهذا هو مكمن الخَطر، ويقول الشيخ الشعراوي نصََا: “قد يثور المدنيون حتّى يُنهوا مَا يَرونَه فَساداً، ولكِن آفة الثّائر مِن البَشر أنّه يَظل ثائراً، ولكن الثائر الحق هو الذي يثور ليهدم الفساد ثُمّ يهدأ ليبنى الأمجاد ولا يسلط السيف على رقاب الجميع”، ويفند إمام الدعاة إلى الله هذه الدعوة بكونها دليل على أن الرسول كان وجوده ضرورياً حتى يخلص الضعفاء من الفساد، فلابد من ثورة وهذه ثورة السماء على منهج الأرض لتخلصها من الفساد.

ولم يكتفي عند هذا الحد بل ويحذر من سيطرة مشاعر التشفي والانتقام حين يقول: “الثائر الحق إذن هو الذي يأتي بأهل الفساد ليرد المظالم للمظلومين، ولا يقصى الفاسدين بقدمه، ولكن يضع الاثنين على حجره حتى تهدأ الأمور وتذهب الأحقاد”، مؤكداً أن الثائر الحق هو الذي لم يأت ضد طائفة بعينها ولكن ضد ظلم طائفة، “فإذا أخذت من الظالم وأعطيت المظلوم فضع الاثنين على حجرك ومن هنا يأتي الهدوء”.

عبارات جمّة الإحكام وتَفاصِيل مُردِفَة التَّوجُس قَبل الإخفَاق مِن هَذا التبذير نجدها تتوارد إليها بشكلِِ لا مَثِيل لهُ عَلى الإطلاق، حيثُ أنّ الثّائِر الحقيقي يهدف إلى التغيير للأحسن والأرقى ويبغي رفاهية مجتمعه وسلامه، الثائر الحقيقي لا يهدف إلى غرض شخصي، فهو يثور ليحقق المُثل العليا للإنسانية مثل العدل والديموقراطية والحرية فلا يمنعه ولاؤه الأيديولوجي أو العقيدي عن ولائه لوطنه، فهو يدرك جيدََا معنى القول: اعطوا مالقيصر لقيصر وما لله لله.

وممّا لا شك فِيه أنّ الثائر الحقيقي يقوم بثورته ضدّ الأخطاء التي تسببت في تخلف المجتمع، حتى لو كانت هذه الأخطاء قد اكتسبت حصانة أو قداسة بمرور الزمن فيثور على من يستغلون أماكن العبادة في البيع والشراء، ويقلب موائد الصيارفة وكراسي باعة الحمام، ويكون هدفه أن يعود لمكان العبادة قدسيته واحترامه، هذا تغيير وتعبير عن ثائر يرفض وضعََا مغلوطََا.

وفِي ذَلِك نَجِد أنّ الثائر الحقيقي هو مَن يثُور عَلى الجُمود والسُّجود أمام تَقدِيس لا معنى له أمام القِيَم الإنسانية، فيُصبح كَسر هذا التابوه ومخالفة ذلك التقديس ضرورة عندما يتعلق الأمر بإنقَاذ حَياة شخص، أو تقديم مساعدة ضرورية لا يُمكن تأجيلها، ويكون لسان حال الثائر؛ أيهما أهم الانسان إم التابوه.

كم أن الثائر الحقيقي هو من يجعل الإنسان هو المحور، وأن تكون المبادئ والقيم والتابوهات لصالح الإنسان ولرفاهيته وتقدمه، ويمكن وضع هذه القاعدة في عبارة محورية: جُعل السبت لأجل الانسان وليس الانسان لأجل السبت، ويمكن ان نضع مكان كلمة السبت أي كلمة مرتبطة بالإنسان مثل: الحكم، النظام، الطقس، الدستور، القانون.. إلخ.

وفي السياق نجد أن الثائر الحقيقي هو من يُطالب بحفظ كرامة الانسان في تعاملاته مع الآخرين، حتى أنّه يَصِف من يَقُول لأخِيه الإنسَان بكلمة (أحمق)، أو من يبغض أخاه بأنه قاتل نفس، وهو بِذَلك يَقُوم بثورته ضِدّ الكراهية وضد عدم قبول الآخر، لا يمكن تقليص مبادئ الثورة في مُجرّد كَلِمات، ولكن بصبّها في مواقف حقيقية يُظهر فيها الثائر محبته وقبوله للمختلف عنه في الرأي أو الهوية أو العقيدة أو منهج الحياة؛ وعلى الثائر أن يدعو لمبادئه بصورة تطبيقية وبشكل سهل الفهم: فمن يقول أنّه يُحبّ الله وهو يبغض أخاه الإنسان فهو كاذب، لأنّ من لا يحب أخاه الذي يراه، فكيف يقدر أن يحب الله الذي لا يراه ؟

زر الذهاب إلى الأعلى