الاخبار

بين الاتحاد الإفريقي والحركات المسلحة

%name بين الاتحاد الإفريقي والحركات المسلحة

أن تأتي متأخّراً خيرٌ من ألا تأتي، فقد سعدتُ لخبر قرار مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي بتوقيع عقوبات على كل من جبريل إبراهيم رئيس حركة العدل والمساواة، ومني أركو مناوي رئيس حركة تحرير السودان، وعبد الواحد محمد نور رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان.

خبر توقيع العقوبات كشف عنه رئيس مكتب بعثة الاتحاد الإفريقي المكلف بالخرطوم وكيل موتينقون، الذي قال إن الحركات المذكورة لم تكُن إيجابية في جميع الاجتماعات التي عقدتها مع الممثل الخاص المشترك لليوناميد التي تم تفويضها للتفاوض مع الحركات في فبراير الماضي، بحيث يقوم مجلس السلم والأمن الأفريقي بفرض عقوبات على تلك الحركات حال عدم تجاوبها مع المفاوضات خلال ثلاثة أشهر .

ولم يستبعِد وكيل في تصريحه لصحيفة (الأخبار)، والذي أكد فيه صدور قرار العقوبات، تصنيف تلك الحركات الثلاث بالإرهابية.

الآن الكلام دخل الحوش، وربما هي المرة الأولى التي يتعامل فيها الاتحاد الإفريقي بصورة جادة مع التمرّدات التي ظلت تؤرّق السودان منذ عشرات السنين، وتحديداً منذ تمرّد توريت الذي اندلع في جنوب السودان في عام (1955)، أي قبل أن ينال السودان استقلاله، ثم تمرّدات دارفور التي تُشعلها الحركات الثلاث، والتي بدأت آخر جولاتها في عام 2003 ولا تزال تُمسك بخناق السودان رغم الهزائم التي مُنيت بها تلك الحركات.

ظللتُ أتساءل خاصة بعد أن اتخذ الاتحاد الإفريقي قراره الغريب المتمثل في فرض الاعتقال التحفظي أو الإقامة الجبرية على النائب السابق لرئيس دولة جنوب السودان د. رياك مشار في جنوب افريقيا.. لماذا يفعل الاتحاد الافريقي ذلك في حق رجل ظل يتقلد منصباً رفيعاً في دولة جنوب السودان، بل ظل الاتحاد الإفريقي يساند إرجاعه إلى منصبه السابق كحل لمشكلة الحرب المندلعة في تلك الدولة، بينما ظل يتجاهل فرض عقوبات في حق لوردات الحرب في السودان والذين أرقوا البلاد وأنهكوها بحروبهم المجنونة لعشرات السنين؟!

رجع معظم قادة الحركات المسلحة إلى السودان وانخرطوا في الحوار الوطني الذي تداعت له معظم القوى السياسية السودانية وشارك كثير منهم في السلطة، لكن أولئك المتمردين ظلوا يعاندون ويرفضون الجنوح للسلام بتأثير من قوى محلية ودولية تريد توظيف تمرّداتهم في أجندتها المعادية للسودان.

أعلم تأثير القوى الكبرى في توجّهات الاتحاد الإفريقي خاصة دول الترويكا (أمريكا وبريطانيا والنرويج)، ولكن هل تعجز دبلوماسيتنا في إقناع المجتمع الدولي بأهمية تحقيق السلام في السودان، والذي يؤثر كثيراً في استقرار الدول المحيطة بالسودان، سيما بعد ثبوت ضلوع الحركات الدارفورية في الصراعات الإقليمية حول السودان، بل وفي تأثير تلك الحروب على قضايا دولية باتت تشغل العالم أجمع مثل الإرهاب والاتجار بالبشر؟

يجب توظيف الدور المحوري الذي يقوم به السودان الآن في حل مشكلة الحرب التي ضربت دولة جنوب السودان وفعلت بها الأفاعيل للضغط على مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي لكي يًمارس كل أنواع الضغط على الحركات الدارفورية للتوصل إلى سلام، سيما وأنه لا أمل في انتخابات ديمقراطية تُفضي إلى حكم راشد قبل أن يتحقق السلام وتضع الحرب أوزارها.

كذلك يجب حمل الاتحاد الافريقي على ممارسة نفس الدور الذي لعبه في الضغط على طرفي الصراع في جنوب السودان خاصة رياك مشار، بحمل الحركة الشعبية (قطاع الشمال) بقيادة عبد العزيز الحلو على الانصياع لنداء السلام خاصة بعد أن فقد عقار وعرمان القوة العسكرية في الميدان بعد الانقلاب الذي أطاحهما.

زر الذهاب إلى الأعلى