الاخبار

النائب الأول لرئيس الغرفة التجارية سمير أحمد قاسم يضع النقاط على الحروف لأزمة الإقتصاد بالبلاد

%name النائب الأول لرئيس الغرفة التجارية سمير أحمد قاسم يضع النقاط على الحروف لأزمة الإقتصاد بالبلاد

تفاقمت الأزمة المعيشية في السودان، وفشلت كل محاولات الإصلاح الاقتصادي الذي اختطته الدولة رغم المعالجات الآنية التي وضعتها، ولكن انفلات الوضع المعيشي جعل الكثيرين يرون أن المسألة تحتاج إلى مراجعة السياسات الاقتصادية والتي يرى البعض أنها السبب في الأزمة الحالية.

ورغم أن سياسات الحكومة تقتضي أن يكون القطاع الخاص شريكاً في السياسات الاقتصادية بخروج الدولة بصورة كبيرة من النشاط الاقتصادي، إلا أن القطاع الخاص يرى أن هنالك معوقات يجب أن تعترف بها الحكومة تقوم بها عبر القوانين والتشريعات والمتابعة اللازمة، ومن هذا المنطلق جلست “الصيحة” الصادرة يوم الأثنين إلى النائب الأول لرئيس الغرفة التجارية سمير أحمد قاسم والذي نادى بأهمية وضع معالجات فورية لما يحدث من انفلات للأسواق.. فإلى ما دار في الحوار التالي!!!

Table of Contents

ـ إلى ماذا تعزو انفلات الأسعار الحالي وأثره على المواطن؟

سبق أن نبهنا وحذرنا المسؤولين من هذا الانفلات قبل ستة أشهر في حديثنا معهم، وقلنا ذلك علناً في أجهزة الإعلام، والسبب الرئيسي لانفلات الأسعار عدم الإنتاج، وهذا واضح في اختلال الميزان التجاري، فصادراتنا لا تتعدى الثلاثة مليارات دولار، بينما وارداتنا تبلغ ثمانية مليارات دولار سنوياً، ما يعني وجود اختلال وعجز في الميزان التجاري بما قيمته خمسة مليارات دولار سنوياً، وكان يمكن تغطية هذا العجز عبر تحويلات المغتربين، لكن السعر غير المجزي الذي فرضه بنك السودان ولّد لدى المغتربين أحساس كأنهم اغتربوا لدعم خزينة الدولة، الأمر الذي جعلهم يحجمون عن تحويل مدخراتهم ولجأوا لبيعها في السوق الموازي (الأسود).

ـ لكن هناك إنتاج من المحاصيل والذهب لماذا لم يُحدِث أثراً؟

عدم وجود السعر المجزي من قبل بنك السودان لعائد الصادر دفع لتهريب المنتج من الذهب والمحاصيل وبيع حصيلة عائده في السوق الموازي (الأسود).

ـ ما الذي ترونه لإنقاذ ما يمكن إنقاذه؟

لابد من الاتجاه لزيادة الإنتاج والإنتاجية وتغيير القوانين وإيقاف الجبايات الكثيرة المقننة وغير المقننة، إن لم يحدث ذلك ستواصل الأسعار تمردها، وهذا ما قلناه منذ وقت مبكر.

ـ ما الخلل الذي أدى لزيادة الواردات بنسبة أكبر من الصادر؟

بنك السودان كون لجنة للاستيراد وأصبحت تصدر وتستورد بدلاً من وزارة التجارة التي اختزلت بكل هياكلها في لجنة بنك السودان.

ـ ما الخلل الذي نجم عن عمل هذه اللجنة؟

من مشكلات هذه اللجنة أنها تعمل ببطء شديد، وسمحت للمستوردين بالعمل بطريقة الدفع الآجل لقيمة الاستيراد لفترة تصل لتسعة أشهر، وهذا تحايل على القانون وأنعش السوق الموازي للدولار، لأن المستورد يلجأ للشراء منه، أضف لذلك بنك السودان منع الاستيراد بدون قيمة (النل فايلو)، وجعل كثيراً من المستوردين يحجمون عن الاستيراد حتى لا يتآكل رأس مالهم، ولجأوا لشراء الذهب والعملات ما خلق ندرة في البضائع بالأسواق، وسبق أن نبهنا إلى أن توقف الاستيراد سيؤدي لندرة البضائع وارتفاع الأسعار.

ـ اختزال وزارة التجارة في لجنة ببنك السودان هل يعني إلغاءها بطريقة غير معلنة؟

وزارة التجارة على رأسها وزير كفؤ، يحاول استعادة كل صلاحياتها التي أفرغت منها، بنك السودان هو الذي يصدر ويستورد عبر اللجنة التي كونها وهي التي تصدق بالاستيراد ومنعت الاستيراد بدون قيمة، ونحن كغرفة تجارة ندعم وزير التجارة لاستعادة دور وزارة التجارة وتفعيلها في وضع السياسات التجارية ووجودها مهم لإيقاف استيراد السلع التي تعرف بالاستفزازية والتركيز على مدخلات الإنتاج التي تسهم في زيادة الإنتاج، وتحقيق القيمة المضافة.

ـ ما المعايير والقوانين التي تعمل بها هذه اللجنة؟

لا نعرف لها أي معايير لعمل هذه اللجنة التي ظهرت فجأة وبعدها تم إيقاف الاستيراد بدون قيمة.

ـ ما الأثر الذي ترتب على هذه السياسة؟

أصبح التهريب سواء للصادر أو الاستيراد هو البديل بسبب هذه الإجراءات، ونحن دولة تعمتد على الجمارك والضرائب والتي تراجع عائدها نتيجة التهريب، ما أدى لتردي الخدمات في التعليم والصحة والبنية التحية، وسيدفع الثمن المواطن والآن هناك ندرة في الأدوية وغيرها من السلع لأن المستوردين غير متحمسين للاستيراد حفاظاً على رأس مالهم من التآكل، وكذلك الصناعة المحلية تنتج ولا تستطيع بيع إنتاجها في السوق وستتوقف، ونخشى من انتعاش التهريب وسيكون البديل البضائع الرديئة في الأسواق مصحوبة بمزيد من الندرة والانفلات في الأسعار.

ـ إلى أي مدى الحكومة قادرة على ضبط الأسواق؟

الحكومة لا تستطيع إلزام التجار بسعر محدد للسلع حسب دستور عام (92)، لذلك من الصعوبة بمكان أن تفرض الحكومة تسعيرة خاصة في ظل ارتفاع سعر الدولار المتسارع، وأي قرار تصدره الحكومة بالتسعير سيخلق تآكلاً في رأس المال لدى التجار، وستختفي السلع وتنتج عن ذلك ندرة، خاصة في ظل التصاعد المستمر للدولار، طن الطماطم يعادل ثلاثة أطنان من حديد التسليح، في هذا الوضع مهما ارتفعت المرتبات لا تجارى هذا الانفلات لانعدام التوازن بين الدخل والمنصرف، ولو فرضت الحكومة تسعيرة تكون مطالبة بتوفير الدولار للمستوردين في قت عجزت فيه عن سداد قيمة صيانة المصفاة.

ـ كأنك تريد نفي جشع التجار المتسبب في تصاعد الأسعار عن التجار؟

لا أبرئ أحداً ولا أقول كلهم جشعون وأي وسط فيه الصالح والطالح، وما يحدث ليس بسبب جشع التجار وحده، ولكنه ناتج عن سوء السياسة والإدارة الاقتصادية.

ـ لكنهم يتحكمون في سعر الدولار والسلع؟

معلوم لإدارة الاقتصاد وجهات كثيرة أن تجارة العملة بعد الرقابة التي فرضت بقوانين رادعة تحولت للخارج وانحسرت داخل السودان لدرجة كبيرة، وأصبح تجار العملة خائفين مطاردين، لذلك حجّموا نشاطهم في الداخل وحولوه لخارج السودان، والآن أي مستورد أو غيره يمكن أن يحصل على طلبه من العملة الأجنبية خارج السودان بأي رقم يطلبه .

ـ كيف تحصلون على العملة الأجنبية كموردين في ظل كساد سوقها بسبب الرقابة؟

أي مستورد يحصل على العملة من خارج السودان، والتجارة بنظام (النل فاليو)، انتقلت للخارج بدلاً من الداخل لكنها أوقفت بأمر بنك السودان.

ـ كيف يتعامل الموردون بهذا الأسلوب، وهناك قرار يلزمهم بكشف مصدر العملة؟

نعم المستورد إن اشترى عملة من خارج السودان لا يستطيع أن يفتح عليها اعتماد (بالنل فايلو)، لكن يتم التحايل على هذا القرار بشراء العملة في الخارج بمواعيد ويتم تحويلها للمستورد الذي تكون لديه رخصة بمواعيد سنة أو ستة شهور لجلب السلعة، في حين أن قيمتها مدفوعة مقدماً.

ـ ما السبيل للحكومة أن تتدخل للتحكم في الأسعار والخروج من هذا المأزق؟

مدخلها الوحيد إزالة كل القوانين التي تعوق الإنتاج والإنتاجية، الآن حجم وارداتنا يفوق صادراتنا، وعندما يحدث العكس يمكن التحكم في قيمة الجنيه، وتستطيع الحكومة توفير العملات الأجنبية للموردين، عندها يمكن أن تتحكم في الأسعار، لكن الحكومة لم توفر الدولار والمستورد يحصل عليه من السوق الموازي، وليس من حقها أن تحدد سعراً للسلعة لأن ذلك يؤدي لتآكل رأس المال.

ـ الملاحظ أن هناك العديد من القرارات الرئاسية بشأن الجبايات لكنها لا تنفذ ما العلة في ذلك؟

سنرى في الأيام القادمة قرارات مهمة جداً من وزارة الحكم الاتحادي لمعالجة ومنع الجبابات التي تتحصلها الولايات من المنتجات في الطرق القومية نهائياً، لأننا سبق أن اشترطنا كغرفة تجارية لإزالة معوقات الصادر إلغاء الجبايات المفروضة على الزراعة والماشية.

ـ هناك اتهام لاتحاد للغرف التجارية بأنها تدور في فلك الحكومة ولا تعارض سياساتها؟

نحن لسنا منظومة حكومية، وأنا غير منتمٍ لحزب، نعم، رئيس اتحاد أصحاب العمل والغرفة التجارية الزراعية والصناعية والنقل هم أعضاء في اللجنة الاقتصادية بالمؤتمر الوطني، لكنهم يمثلون أنفسهم وليس الأجسام الذين هم على رأسها، لأن الاتحاد يضم كل ألوان الطيف السياسي، ولهم كامل الحرية لإبداء الرأي والمشورة .

ـ ما هو دوركم في وضع وصناعة السياسات الاقتصادية؟

في الفترة الماضية، لم يكن لنا أي صوت، لكن الآن أصواتنا عالية جدًا، ولدينا ممثلون في (131) لجنة قومية في مجلس الوزراء، ولدينا ممثل في كل وزارة والجهات ذات الطابع الاقتصادي، ووقعنا مؤخراً اتفاقية شراكة بين القطاعين العام والخاص في المشروعات الكبيرة والبنية التحتية، وأوكل للقطاع الخاص (84%) من التنمية لتنفيذها، ونسعى لوضع برتوكول بأن يكون رئيس اتحاد أصحاب العمل أو من ينوب عنه بدرجة وزير مركزي.

ـ ما الذي تتوقعه إن لم تتمكن الحكومة من السيطرة على انفلات الأسعار؟

الحكومة الآن غير قادرة على توفير العملات الأجنبية لاستيراد السلع الأساسية والمواد الخام للصناعة المحلية، والجنيه السوداني أصبح عائماً، ولن يستقر وإن لم يوفر بنك السودان عملات أجنبية عبر الصادرات غير البترولية بزيادة الإنتاج أتوقع أن يصل الدولار إلى (100) جنيه قبل نهاية العام.

ـ هل ستهربون بأموالكم إلى خارج السودان في حال وصول الدولار لـ(100) جنيه أم ماذا؟

سننكمش، لأن “مضارفة المؤمن على نفسه حسنة”، نحن الآن في حالة انكماش، لأن المصانع المحلية كانت تعمل لـ(24) ساعة الآن تقلصت لـ(8) ساعات، والآن ننتج على قدر ما يستوعبه السوق، لأن التخزين يؤدي لخسائر بسبب الكساد في السوق.

ـ هل هناك تقديرات رسمية لرأس المال الوطني الذي ذهب للاستثمار في الخارج ؟

المشكلة لا توجد إحصائية دقيقة لذلك، وإنما تقدير، بنك السودان له أرقام، ووزارة التجارة تعطيك رقماً يختلف عن الذي لدى الإحصاء والجمارك، لكن حسب المعلومات التي وصلتنا من إثيوبيا أن حجم استثمار السودانيين وصل لاثنين مليار ونصف المليار دولار، والآن هناك اتجاه للاستثمار في يوغندا التي وصل اليها عدد من رجال الأعمال السودانيين، ونحن الآن نخشى المزيد من هروب رأس المال الوطني الذي سيؤدي لإحجام رأس المال الأجنبي من القدوم للسودان، حتى إن جاء كيف ستتم معاملته، الآن هناك فارق كبير في سعر الدولار بين بنك السودان والسوق الموازي.

ـ ما الذي يشغلكم في هذه الأزمة؟

أكثر ما يقلقنا تآكل رأس المال الوطني الذي بدأ بصورة متسارعة، وهذا واضح في الزيادة المتسارعة في أسعار السلع، قبل أسبوع طن الاسمنت بخمسة آلاف، الآن بسبعة آلاف وقس على ذلك بقية السلع والمواد الغذائية.

ـ لكن هناك احتكار للسلع وتخزين من قبل التجار؟

لا أعتقد ذلك، وحتى إن تم يكون في نطاق ضيق.

ـ إلى أي مدى تم إنفاذ قرار تجفيف الشركات الحكومية وخروجها من السوق؟

ما أعرفه هناك أكثر من مائتي شركة حكومية معفاة من الضرائب والجمارك لاتزال تعمل في استيراد السلع الاستهلاكية ومنافسة في السوق.

ـ هل حقيقة الخلل في سياسية تحرير السلع؟

العيب فينا نحن وليس قانون التحرير الذي لولاه لكان الوضع أسوأ مما هو عليه في انعدام السلع وانفلات الأسعار وهروب رأس المال الوطني وانهيار الاقتصاد، لذلك أعتقد سياسة التحرير رغم مشاكلها أفضل من الانغلاق.

ـ كيف تنظر للإجراءات التي تمت لضبط سوق العملة؟

الانفلات الذي حدث حتم على الحكومة أن تتدخل من ناحية أمنية وضبط الأسعار، لكن علاج المشكلة الحقيقي في رأينا لم يُطرق بعد وهو إزالة كافة القوانين المعوقة للإنتاج والاستثمار مثل الجبايات الكثيرة التي تفرضها الولايات كحق بالدستور، إضافة لتعديل قانون العمل الذي يجعل العمال أصحاب حق وظللنا نطالب بأن يعدل القانون بالطريقة الأمريكية، مع تحفيز المصدرين، وهذا هو الطريق الأمثل للاستقرار الاقتصادي والاجتماعي والأمني.

ـ ما هي مساعيكم لإصلاح هذه القوانين؟

الآن وزير العدل شكل ثلاث لجان لتجميع القوانين لدمج كل القوانين التجارية في قانون واحد حسب توصية الحوار الوطني لتسهيل الحركة التجارية أسوة بالدول الأخرى، على أن ترفع هذه اللجان توصياتها خلال شهر، وأنا رئيس لواحدة من هذه اللجان لأننا في اتحاد أصحاب العمل معنيون بـ(12) قانوناً.

ـ ما حقيقة الحديث عن وجود مخالفات وتجاوزات في استخدام السجل التجاري؟

نعم، هناك أسوأ الممارسات في السجل التجاري ومخربة للاقتصاد الوطني ما يعرف بإيجار السجل، يعني يمكن لأي مستثمر أجنبي أن يستأجر سجلاً تجارياً للمصدرين أو المستوردين من أحد الأشخاص ويصدر ولا يرجع عائد الصادر، وهذا حدث مع كثيرين مما عرضهم للمساءلة القانونية، فتجميع القوانين التجارية يغلق الباب أمام هذا النوع من الممارسات.

الخرطوم (كوش نيوز)

زر الذهاب إلى الأعلى