الاخبار

الفساد.. والاضطهاد الوظيفي!

%name الفساد.. والاضطهاد الوظيفي!

الحديث المتواتر عن (الاضطهاد الوظيفي) في كل أو معظم قضايا الفساد، هذه الظاهرة المستشرية والتي تحط من مكانة الوظيفة العامة وتذهب بها مذاهب الفساد، ولا تترك للموظف الصغير إلا طاعة الكبير وإن كان أكثر تأهيلاً وخبرة، خاصة إن كان قليل التجربة ولا يحمل من المؤهلات إلا كلمة (حاضر يا ريس)، وظاهرة العقود الخاصة والترقي الاستثنائي، معتمدة تلك الترشيحات للوظائف الهامة على مبدأ التمكين والتي تحولت من شعار استعلائي غوغائي إلى سياسة تعتمدها الحكومة وتصرح بها دون خجل، أدى ذلك إلى تفشي المحسوبية واستغلال الموقع الوظيفي لحماية نشاطات طفيلية ومصالح خاصة أضحت أهم من الوظيفة.

والأنكى من ذلك تهميش دور الموظف المخلص وعدم اكتراث المسؤولين عنه لتقييم جهود المتميزين والمثابرين في العمل الوظيفي وتحفيزهم. هذا المشهد واحد من مشاهد موجودة على أرض الواقع لبعض الوزارات والوحدات الحكومية الرسمية، دون التفات الى مبدأ (العدالة)، أو مبدأ (العقاب والثواب)!

لا شك أن انهيار الخدمة المدنية وانعدام أي معايير لتقييم العمل، وتحديد الصواب والخطأ، وانحسار مفاهيم الوطنية والضوابط الأخلاقية، قد أدت الى استشراء الفساد وارتباطه بقدر كبير الى طبيعة العلاقات بين مؤسسات الدولة رأسياً وافقياً وانتظام مجموعات في تشكيلات عصابية للاعتداء على المال العام، وما (ضعاف النفوس) إلا احد نتائج غياب مفهوم النزاهة وانحسار تداول مفاهيم الشفافية، وخنوع العاملين وقبولهم طوعاً للاضطهاد الوظيفي وهو واحد من أهم أنواع التعسف العنيف الممارس بحق الموظف العام بهدف ابقائه ضمن دائرة الخوف من المجهول وتفضيل الطاعة للأعلى وظيفة على التمسك بالقانون وأخلاقيات الوظيفة العامة.

يسوء الوضع بدرجة كبيرة في المؤسسات النظامية بحيث تسود مفاهيم التراتبية وتنفيذ الأوامر وتعريف الانضباط وفق مصطلح (الضبط والربط)، وهو في الحقيقة اضطهاد وظيفي، والذي أصبح ينتشر في مؤسسات الدولة، وللأسف كثيراً ما يقع ضحيته، موظفون أكفاء ومخلصون إذ ان معارضتهم لبعض القرارات، أو رفضهم لبعض الأوضاع غير السليمة، واجتهادهم وحرصهم على أداء مهامهم بكل أمانة بعيداً عن التجاوزات، وعدم اتقانهم لفن التدليس والمجاملة، كل هذه الأسباب وغيرها كثيرة تؤدي بهؤلاء الى وضعهم في قائمة المغضوب عليهم، وممارسة صنوف من الاضطهاد الوظيفي عليهم، مستخدمين طرقاً ووسائل مختلفة إما بالازدراء وإطلاق الاشاعات والأكاذيب عليهم، أو السخرية منهم، ومن حرصهم وطريقة أدائهم للعمل، ومحاولة عزلهم أو تجاهلهم أو تكليفهم بمهام لا تتناسب مع تخصصاتهم (الوحدات الإنتاجية في الكهرباء نموذجاً)، أو تحط من قدرهم،، وفي نفس الوقت غض الطرف عن تجاوزات وتقصير غيرهم، لا بل فشلهم الوظيفي، هذا الإرهاب سيؤدي حتماً لعواقب وخيمة ربما ينتهى إلى لا مبالاة وأحباط ومسايرة الوضع القائم والمشاركة في الأخطاء والتجاوزات.

ولذلك فإن أي سياسة لمحاربة الفساد تستوجب إصلاح الخدمة المدنية والنظامية والعدلية، وسن قانون لحماية الموظف العام وبالذات العاملين في المؤسسات الرقابية والعدلية، ومنع التوجيهات الشفهية، وتعديل قوانين الخدمة المدنية والقوانين الخاصة بحيث تحظر أي توجيهات مخالفة للقانون، وحتى لا تتفاقم الأمور توجب على الحكومة أن تتخذ اجراءات وقائية لحماية الكفاءات الوظيفية في مؤسسات القطاع العام من الاضطهاد الوظيفي المنظم الذي يمارس عليهم، وذلك بتفعيل الشفافية في قرارات هذه المؤسسات وترسيخ مبادئ التظلم وتسمية ممثلين لديوان المظالم والمراجع العام داخل هذه المؤسسات، وإلغاء نقابة المنشأة والسماح بقيام مركزيات قطاعية والسماح بنشر أي تجاوزات أو ممارسات تشكل تميزاً وانتهاكاً للحق الخاص والعام، وهذا يعني إطلاق الحريات الصحفية لتسهم في كشف الممارسات السالبة.

في التحقيقات مع بدر الدين وزير المالية السابق رمى باللائمة على لجنة المشتريات.. واللجنة قالت إنها توجيهات بدر الدين، الطرفان خالفا القانون وتسببا في إهدار الملايين، بزيادة أسعار الجازولين وذهاب الفرق الى جيوبهم، المستندات تثبت أن وزير المالية بدر الدين فتح الاعتمادات باسم وزارة المالية لصالح شركة الواحة التي يديرها مصطفى البطحاني (معتقل حالياً)، هذا ليس إهمالاً أو تبديد للمال العام، هذه سرقة بالإشتراك الجنائي.

زر الذهاب إلى الأعلى