التعليمي

السلوك والتعليم

(1)التعلّم ظاهرة بيولوجية، ذات شأن عظيم، تيسر للمخلوقات تعديل سلوكها الغريزي والمكتسب، بحسب التغيّرات الحادثة في بيئة المخلوقات ، فتتكيّف لها .إذاً التعلّم قيمة بقائية.فالتعلّم لا يقاس بشكل مباشر لإخفاء الفروق العضويّة بين الأدمغة وللجهل بعض الآليّات الكيماويّة والشبكات العصبيّة إذ لا يمكننا أن نعرف مخلوقاً تعلّم أم لا إلا إذا حدث تغيّر في سلوكه. لذا لجأ العلماء إلى القياس بالمقابلة بين مخلوق تعلّم وأخيه الذي لم يتعلّم باستعمال طرق مختلفة.

ولأنّ الدّماغ يعمل كوحدة واحدة ويصعب التميّيز بين علميّاته فآليّات الذّاكرة لا يمكن معرفتها فالذّاكرة التي هي ركن التعلّم واكتساب المعلومات وخزنها واسترجاعها هي أعظم وظائف الدّماغ. ويبدو أنّ الذّاكرة متّصلة بكتلة الدّماغ وإن وجدت بعض الخلايا التي تثير بعض الذكريات التي حفظها الإنسان.

والذّاكرة أنواع (2): منها ما هو طويل الأجل ، فتتذكّر أشياء قديمة، وقصير الأجل (آنية) تستطيع ترديد شعراً سمعته للتو إنّما تنساه بعد قليل. ومتوسّطة الأجل فتعرف غداء اليوم ولا تذكره بعد يومين مثلاً، وكثيراً ما نتعرّض للنسيان فننسى بعض الأمور ولا يساعدنا العلم في تذكرهاإلا بقدر يسير لكن ما يقرر حفظنا الشيء ونسيانه ارتباطه بعواطفنا فهو يرسخه طويلاً كلما ضرب الشيْ (وتراً حساساً) فينا تذكّرنا ذلك الشيء مهما كان تافهاً. وبعض أنواع التعلّم لا تتم إلا بنسيان شيء آخر ! والدّماغ يخسر كل يوم مليون خليّة لا تعوّض وهذا ليس في صالح الذاكرة.

وخير السبل لتقوية الذاكرة :

1. الاهتمام بالأمر

2. التدوين

3. التّكرار

4. تنبيه الطّفل لكل جديد لتقوية آليّاته العصبيّة.

ومن معوقات فهم أثر الذاكرة في السلوك عند اضطرابه أو نشوء مشكلة أربعة عناصر هي:

1. التعلّم: اكتساب الحركات والمعلومات.

2. التذكّر حفر المعلومات في الدماغ لاستعادتها عند الحاجة.

3.التّخزين:بعد الحفر وتقرير الدماغ مدى أهميتها يحفظها بعد تدوينها برموز لا نعرفها حتى الآن .

4. النسيان: العجز عن التذكر.

تثبت التجارب أنّ عمليّات السكب للمعلومات الجديدة تنتهي خلال ساعة من تلقي المعلومات أو المنبّهات الحسيّة. إذ يتقرّر أهميّتها وقوّة حفظها ومتانة تذكره بعد ذلك. فأنت قادر على فهم خمسين صورة في الثانية، ولكنك لا تستطيع الإحتفاظ أو الإسترجاع إلا لعشر صور في الثانية بعد مدّة قليلة من رؤيتهاإذ أنّ قدرة الإنسان محدودة. وتدل التّجارب على أن ّقوّة الحفظ أكبر من الإسترجاع لدى الإنسان.

إخفاق إنسان في امتحان تعلّمه هل هو من العجز أو نقص في التّذكر أو أنّ المعلومات موجودة (تذكر) لكن العمليّات العصبيّة الكيماويّة الفاعلة في استرجاع المعلومات قد اختفت؟ أم أنّه لا يتمتّع بذاكرة قويّة لأجل طويل.

المصادر :

1.ابراهيم فريد الدر-الأسس البيولوجية لسلوك الإنسان منشورات دار الآفاق الجديدة –بيروت الطبعة الأولى 1938 ص254 بتصرف.

2.ابراهيم فريد الدر- مرجع سابق ص 254-256 بتصرف.

زر الذهاب إلى الأعلى