الاخبار

الإسلاميون ينعون الفقيد “بكداش” بكتابات حزينة و”الزبير أحمد الحسن” يودعه بأحرف دامعة

%name الإسلاميون ينعون الفقيد “بكداش” بكتابات حزينة و”الزبير أحمد الحسن” يودعه بأحرف دامعة

بأسى وحزن بالغين نعى الإسلاميون فقدهم الجلل القيادي الإسلامي الشيخ “خالد أحمد المصطفى” الذي وافته المنية يوم الاثنين بالعاصمة السودانية الخرطوم .
وبأحرف دامعة نعاه القيادي “الزبير أحمد الحسن” الوزير السابق والأمين العام للحركة الإسلامية قائلاً :
“إنا لله وإنا إليه راجعون”، رحم الله الشيخ خالد احمد المصطفي “بكداش” وجعله مع السابقين في الفردوس الاعلى.
مُضيفاً : رافقنا فقيدنا الحبيب في ثلة من الاخيار في جامعة الخرطوم أواخر السبعينات وسكنا في غرفة واحدة هو و” فردته” ابراهيم محمد علي العوض وادريس ابراهيم، انتظم الفقيد في الحركة الاسلامية بعد قبوله بالجامعة وظل من يومها لا هم له الا دعوة الإسلام وهو رجل مخلص متفان يقبل على وجهته لا يلوي على شيء، خبر العمل التنظيمي والإداري والاعلامي والصحفي والخيري، وظل اشعث أغبر سواءً لبس البدلة او العراقي أو مشى راجلاً او ركب الموتر او السيارة .
كان شديد الذكاء سريع التعلم واسع الاجتهاد وكان على سخريته المطبوعة وملحته التلقائية يجاري شيخ عبيد ختم و عبد الحليم الترابي في الجد والاجتهاد في ما يسند إليه .
فتح الله له باب محبة رسوله صلى الله عليه وسلم والتعريف به فصعد في ذلك مدارج عليا فكانت الكوثر والثلة الطيبة حول حياض المديح والسيرة والسلوك في درب الذكر والصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم
مضى خالد ولحق بالاخيار عبيد ختم وكبير ومهدي السلفي وعبد الحليم الترابي وسالم عبد الفتاح ومحمد حسن المقلي ومصطفى ميرغني والسنجك والقائمة تطول من الأحباب الذين قضوا نحبهم نسال الله لهم المغفرة والرحمة والفردوس الاعلى ونساله لنا ولمن ينتظر من اخوانهم واخواتهم واحبابهم ان لا نبدل تبديلا وان نمضي مستقيمين كما امرنا على طريق الحق والخير
وختم “الزبير” اللهم اجعل البركة في عقب شيخ خالد واخوانه وتلاميذه ومشروعاته واوقافه وما سطر وانشد وما بنى وشيد وتقبله منه واغفر له ما لانعلم .
فيما نعاه د. صديق محمد عثمان، تحت عنوان ” المتعاقدون مع الله” قائلاً :
خلال فترة الجامعة كان لـ “بكداش” جلابية واحدة وبنطلون وقميص فكان يغسلهما ليلا ويلبسهما نهارا وظل لفترة طويلة يلبس حذاؤه حتى يبلى فيذهب الى السوق فيخلع الحذاء البالي ويشتري غيره.
هكذا ظل باقي حياته اذا تكلف بعمل تنظيمي اجتهد في توفير موارد كبيرة له ولَم تغافله استقامته المجيدة فينال نصيباً مما يوفره من موارد، كان يدير المؤسسات الكبيرة دون ان تكون له مخصصات او سكرتارية او سيارة مدير.
ويضيف “صديق ” قابلته ايّام المفاصلة بشارع أوماك وهو يسير نحو مكتبه بالعمارات ومسبحته بيده فوقفت وعرضت عليه توصيله الى مكتبه فعرض علي ان أوقف سيارتي وأسير معه حتى مكتبه فقبلت العرض وسرنا نتحدث ونتجادل حتى وصلنا لفة الجريف فودعته وعدت الى سيارتي.
ويواصل قائلاً : ينبغي ان يلفتنا رحيل اخواننا الذين قدموا في زمن وجيز ما لم يقدمه اَي منا الى النذر التي يبعثها رحيلهم المر، فالله سبحانه وتعالى يحذرنا بانه يختار الذين يسارعون اليه بالخيرات خببا حتى اذا لم يتبقى الا نحن واشباهنا أمسك عنا الرحمات التي كان يستوجبها عليه هؤلاء الإخوة.
ومن لم يلفته رحيل بكداش وعبدالرحمن كباشي القريب فهو غافل ولو كان المولى مدخرا خيرا يراد بِنَا لما بخل – حاشاه- على هؤلاء الإخوة بشهوده وكسبهم فيه اعلى منا جميعا والفراغ في الكسب الجمعي للانسانية الذي يخلفه رحيل اخواننا هؤلاء، ان لم نملأه نحن فلن يبق فراغا يملأه المخربون الذين يقدمون حظوظ النفس ومخصصات السكرتاريا والمكاتب التنفيذية وحقوق ما قبل وما بعد الخدمة لانها خدمة وهم خدام وليسوا أصيلين.
يرحل المتعاقدون مع الله ويبقى المتعاقدون مع الوظيفة، يرحل الذين عملوا لتغيير حياة الناس ويبقى الذين يعملون لتغيير حيواتهم فيعجزون، انا لفراق اخينا لجد محزونين.
ما يعاظم علينا فداحة الفقد ان يرحل المظلومون دون ان يفيء الظالمون او يدركون حجم الظلم الذي اوقعوه على بلدهم والاخرين من الناس، فأي ظلم اكبر من ان يحرم السودان من طاقات رجل كـ”بكداش” فقط لان بعض قصار القامة لم يكونوا ليطمئنوا فوق كراسيهم ومثله حر طليق فاوصدوا في وجهه الأبواب وأثقلوا عليه القيود والأقفال فتجاسر عليهم بالذكر الصامت ولكن صمت بكداش كان يحدث دويا لا يحجبه رقص الراقصون المترنحون.
ويختم “صديق” كان سقوط حبات مسبحته فوق بعضها يحدث صليل الخيل في اذان المبطلين وبياض لحيته الكثة يذكرهم بانفلاق فجر المبرة فوق قمم لا يملكون صعودها.
ما يجعل للرحيل طعما مرا ان الذين ظلموا يحسبون ان دموعهم الْيَوْمَ على بكداش كافية لتغسل ما ارتكبوا بحقه وحق امثاله من الذين أنفقوا في الحرب والتضييق عليهم أضعاف ما كان يحتاجه هو ليبدل حياتهم.
رحم الله صاحب القمم والمبرة .
وتحت عنوان “دمعة في وداع بكداش” رثاه الأستاذ “عثمان البشير الكباشي” قائلاً :
رحل اليوم قلب كبير وعقل عظيم وشخصية استثنائية بحق، العزيز خالد (بكداش) أحمد المصطفى حسين.
ودعته السماء بدمع الغيث وودعه الأحباب بالدمع السخين.
استقبلته مقابر حلفاية الملوك ليجاور فيها الشيوخ الأعلام شمس الدين ونور الدين ومن قبلهم ود ضيف الله ونابرى ودفع الله ومن بعدهم الملثم والهندي وهروال وجماع ومحمد محمد علي ووووو قائمة طويلة من الرجال النادرين الذين سيحتفون اليوم بقادم فيه شبه منهم.
رحل بكداش أشهر محرري صحافة الاتجاه الإسلامي بجامعة الخرطوم “آخر لحظة” ومؤسس الصحيفة الفكرية “الصباح الجديد” منتصف ثمانينات القرن العشرين.
يقول “عثمان البشير ” كنا طلابا في مدرسة بحري الثانوية ننتظر نهاية اليوم الدراسي خاصة في مواسم انتخابات الاتحاد نعبر كبري النيل الأزرق لنقرأ الصحافة ونشهد النشاط السياسي والثقافي بجامعة الخرطوم.
نقرأ بنهم آخر لحظة لسان حال الاتجاه الإسلامي ومساء الخير صحيفة الجبهة الديموقراطية وكفاح حزب البعث والطليعة للناصريين صحف طلابية كانت تكتب بمداد الطهر والنبوغ والذكاء، شكلا ومضمونا، يستودع فيها كل تيار فكري وسياسي أشواقه وأفكاره ومواقفه صحف الجامعة لو بعثت اليوم لحسبتها قادمة من المستقبل لا التاريخ.
ويضيف ” البشير” مع الطعم الخاص لكل صحيفة إلا أن ” الصباح الجديد” الصحيفة الثقافية للاتجاه الإسلامي كانت بمذاق خاص ورصانة وتفرد،ابتداء من اسمها ومضمونها وإخراجها وخطوطها الإبداعية، وكان بكداش في الغالب وراء هذه التجربة الصحافية الناضجة وهو طالب الإقتصاد الذي لا أظنه قد وجد نفسه فيه، فتفجرت طاقاته في الفكر والصحافة والمبادرات الكبيرة في لاحق مسيرته بعد الجامعة، وبكداش ليس من النوع الذي تحبسه العناوين والمظاهر مهما عظمت في أعين الناس.
لو كنت أستاذا للإعلام في جامعاتنا السودانية لنصحت الطلاب بدراسة تجربة الصحافة الحائطية في الجامعات السودانية في السبعينات والثمانينات، ويقيني سيجدوا فيها نضجا وتأثيرا على الرأى العام ربما أكثر حتى من الصحافة الورقية المعاصرة مع كل الاحترام لها وللقائمين على أمرها.
بالإضافة لصحف جامعة الخرطوم سابقة الذكر، كانت في جامعة القاهرة فرع الخرطوم صحف الساحة وتسابيح للإتجاه الإسلامي والشرارة للشيوعيين وقريب من عناوين جامعة الخرطوم للبعثيين والناصرين والأمة والاتحاديين وفي جامعة أمدرمان الإسلامية المرصد وأخواتها، وقريب من هذه التجارب في كل الجامعات بل والمدارس السودانية.
رحل بكداش صاحب (قمم) التي يوم يكتب تاريخها سيعلم الناس كم كانت مبادرات جيل بكداش طموحة وواسعة الأفق تؤكد بأنه جيل قدرات أكبر بكثير من عمره الذي كان في الثلاثينيات منه، ولكنه يفكر وينفذ بنضوج وهمم تناطح الثريا.
رحل بكداش رفيق الشهداء علي عبد الفتاح ومحمد عبد الوهاب وعلي السنجك وأكمل محمود أبناء السودان النشامى الذين ضمتهم أرض البوسنة والهرسك شهداء، عدا الأول الذي عاد لتضمه أرض الجنوب.
عاد بكداش من البوسنة والهرسك ليؤسس المبرة إشراقة لطيفة وتجربة فريدة في الذب عن سيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعل محبته والتعريف بشمائله مدخلا للدعوة إلى الله تعالى.
ليس دقيقا أن بكداش قد تحول من المدرسة الحركية الى التصوف إثر تكوينه مدرسة المبره وبناتها الناجحات إذاعة الكوثر وتلفزيون ساهور، ولكن الأصح عندي بأن بكداش كان صوفياً وهو في قمة التزامه وعطاءه الحركي والسياسي والثقافي في مدرسة الاتجاه الإسلامي.
فالتصوف أساسه الزهد والنقاء والبساطة والعناية بالجوهر قبل المظهر وبكداش نال من هذه الفضائل قمتها في كل مراحل حياته الحركية.
يبدو بأن بكداش وأبناء مدرسة المبرة قد أعادوا اكتشاف نفوسهم المتصوفة، فدخلوا على التصوف وأدخلوا عليه تجاربهم الحركية.
ليست هذه العجالة كافية لتقييم تجربة المبرة وما تلاها، فذاك ما ينبغي أن يخضع لدراسة وافية، ولكن المؤكد عندي بأن مدرسة المبرة نفسها حملت في أحشائها بذرة حركية مزجت بها التصوف، وصوفية اختلطت بحركية، وذلك مجال لحديث يطول.
رحل بكداش بهدوء ميز حياته رغم دوى آثاره، وترك لنا عبرة مفادها أن المؤمن الحق وهو يبحث عن نور الهداية لن تقيده الأطر مهما كانت عزيزة عليه، وان سبيل الرجعى إلى الله لن يسده تنوع المسارات مادام الهدف واحدا.
وأن الطرق إلى الله بعدد أنفاس الخلق كما قال العارفون من قبل..
لم يغادر بكداش الدنيا، أقصد دنيا المتاع والزينة دار الغرور، لأنه ببساطة لم يعش فيها ولم ينخدع بها يوما، لا مظاهرها أو ملبسها ولا مطعمها ولا زينتها الخادعة،وزخرفها الكاذب، رحل نعم عن دنيانا إلى سعة العيش في الآخرة ورب غفور.
رحل بكداش لينعم بجوار الشفيع الحبيب الذي سكب في حبه آلاف الأبيات من شعر المحبة والمديح، خاطب بها الأجيال مجتهدا أن يؤسس تيارا تجديدا فيه.
يلتقي اليوم بإذن الله بشهداء البوسنة وأحباب الطريق الذين سلفوا.
كما يلتقي بكداش اليوم بسابقيه على طريق محبة الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم، يلتقي اليوم بإذن ربه بأهل المحبة شيوخ الإسلام حسان والبصيري والصرصري والبرعي اليماني والسوداني وابوشريعة وودسعد وحاج الماحي وودحليب وودتميم وعبد المحمود وقريب الله وحياتي.
يهنأ اليوم بكداش بإذن الحليم العفو الودود بعمل صالح مقبول.
ويختم “البشير” كل التعازي لمحبيه وتلاميذه وإخوانه وأسرته في الحصاحيصا وحلفاية الملوك، التعازي لشقيقه ناصر ولرفقاء مسيرته عامر وعماد وعبد الرحيم وسامية وعادل ولنا أجمعين، إنا لله وإنا إليه راجعون.”
وتشير “كوش نيوز” إلى أن الفقيد كان من قيادات الحركة الإسلامية الطلابية، شارك في الجهاد بالبوسنة والهرسك، كما كان ناشطاً في العمل الطوعي والخيري والإعلامي مؤسساً لإذاعة الكوثر وقناة ساهرون.
ابومهند العيسابي
الخرطوم (كوش نيوز)

زر الذهاب إلى الأعلى